الجمعة, 10 أكتوبر 2025 11:57 PM

تأجيل قمة موسكو وسط ترحيب بوقف إطلاق النار المرتقب في غزة

تأجيل قمة موسكو وسط ترحيب بوقف إطلاق النار المرتقب في غزة

رامي الشاعر

ساعات قليلة، وربما دقائق، تفصلنا عن دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، بينما تم تأجيل القمة الروسية العربية في موسكو بسبب التوترات الإقليمية.

أتمنى أن تُنشر هذه المقالة بينما ينعم سكان غزة والضفة بأول ليلة هادئة منذ السابع من أكتوبر 2023، وأن تتزامن مع احتفالات في فلسطين والعالم العربي بانتصار المقاومة الفلسطينية، والدعم الكبير من قوى السلام العالمية، ممثلة بـ 157 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.

تأتي مبادرة القمة الروسية العربية من القيادة الروسية وبرعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إيماناً بأن الظروف الحالية في الشرق الأوسط والعالم تتطلب هذا اللقاء في موسكو. نأمل أن تستلهم جامعة الدول العربية هذه التجربة لعقد لقاءات مماثلة في بكين ونيودلهي وواشنطن وبروكسل، وأن تتوسع لتشمل مجموعة "بريكس" و"شنغهاي للتعاون" وغيرها من المنظمات التي تمثل صوت الجنوب العالمي، الذي يعاني من الهيمنة الغربية.

أثبتت مفاوضات شرم الشيخ الأخيرة ضرورة وجود دور عربي وإسلامي فعال ومؤثر في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ العالم، وأن يكون للعالم العربي صوت وإرادة في التحول نحو عالم متعدد الأقطاب.

أعتقد أن إسرائيل تحاول دفع الولايات المتحدة نحو الهاوية بإيهامها بأن الحفاظ على الهيمنة الأحادية يتطلب توريد صواريخ "توماهوك" إلى أوكرانيا، وتهديد روسيا بالعقوبات الثانوية، والانصياع لأوهام زيلينسكي والأوروبيين بأن هذه الإجراءات ستجبر روسيا على الاستسلام والموافقة على وقف إطلاق النار دون شروط، وهي نفس الحماقات التي أقنع بها البعض الرئيس دونالد ترامب.

التعددية القطبية لا تسعى لاستبدال القيادة الأمريكية بالصين أو روسيا أو الهند، بل تهدف إلى تعزيز هيبة الأمم المتحدة واحترام مؤسساتها وقراراتها، وتوسيع تمثيل الدول في مجلس الأمن ليعكس موازين القوى الحقيقية في العالم، خاصة مع ظهور مراكز اقتصادية وسياسية جديدة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. لم يعد مقبولاً أن يتحكم "الغرب" أو "الناتو" أو الولايات المتحدة في هذه الدول، مع احترامنا لحضارتها وتاريخها وثقافتها وقوتها العسكرية.

العالم اليوم يتحدث بلغة الذكاء الاصطناعي والتواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، ولا يمكن التعامل معه بلغة القرن الماضي وأوهام الحرب الباردة. لقد تفكك الاتحاد السوفيتي، وروسيا لا ترغب إلا في التعاون والتشارك والتخلص من ميراث "حلف وارسو". يجب أن يتفكك حلف "الناتو"، الذي تأسس لمواجهة "حلف وارسو"، وقد انتفى سبب وجوده.

اجتماع القمة الروسية العربية في موسكو، الذي تأجل، يأتي في مرحلة حساسة بينما تُرتكب جرائم إبادة جماعية وتصفية عرقية وتجويع ضد شعب أعزل في غزة من قبل إسرائيل، واعتداءات على سيادة الدول العربية والإسلامية بذريعة "تهديد الأمن الإسرائيلي".

لقد اعتذر نتنياهو عن الهجوم على سيادة دولة قطر، لكن ما يحركه هو حكومة إسرائيل الأكثر تطرفاً منذ نشأتها. تضافر الجهود العربية والدولية (157 دولة) يلعب دوراً هاماً في التعامل مع القضية الفلسطينية كأساس لتسوية الصراعات العالمية.

كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن عدم حل القضية الفلسطينية على مدى 80 عاماً غذى التطرف في المنطقة. مبادرة الرئيس ترامب جاءت نتيجة تفاقم الوضع في فلسطين وشجب العالم لما يتعرض له الشعب الفلسطيني، إضافة إلى التأييد الواسع والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وشعور الولايات المتحدة بالعزلة بسبب سياسات نتنياهو. اللقاء الروسي العربي سيدعم التغيير في موقف البيت الأبيض، وربما اعترافه بالدولة الفلسطينية، وسط المظاهرات اليومية في المدن الأمريكية.

تلبية الدول العربية للقاء موسكو يعبر عن امتنانها لروسيا لموقفها الداعم لنضال الشعب الفلسطيني وحقه في دولته المستقلة على أراضي الرابع من يونيو 1967، وهو موقف موسكو الثابت منذ قرار التقسيم عام 1947.

صمود الشعب الفلسطيني وانتصاره على آلة الحرب الإسرائيلية سيساهم في تثبيت العالم المتعدد الأقطاب وإنهاء الطموحات الاستعمارية، وجهود مجموعة "بريكس" ومنظمة "شنغهاي للتعاون" تسعى للتجمع حول أفكار مماثلة.

روسيا تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني ودعمت منظمة التحرير الفلسطينية والتنظيمات الفدائية، وقدمت منحاً دراسية وعلاجاً بالمستشفيات.

بعد أن سمعنا أنباء التوصل لاتفاق بشأن المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، لا يوجد حدث أهم من وقف الحرب ضد الشعب الفلسطيني. العالم يعيش ساعات حساسة لمستقبل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم، في انتظار وقف إطلاق النار في غزة والتراجع عن مخطط الإبادة الجماعية والعنصرية.

ما نعيشه بمثابة الضوء في نهاية النفق المظلم والانفراج الدولي وآفاق التبشير باللجوء للحوار من أجل الاتفاق على حل جميع القضايا الحساسة بالطرق السلمية والعودة إلى ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمثابة مفتاح الاستشراق ببداية الانفراج الدولي وآفاق التبشير اللجوء للحوار من أجل الاتفاق على حل جميع القضايا الحساسة بالطرق السلمية والعودة للاعتماد على ميثاق الامم المتحدة و قوانينها لذلك فإن تأجيل القمة الروسية العربية، التي كان من المقرر أن تعقد 15 أكتوبر الجاري، بسبب وقف إطلاق النار في غزة وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية، بالتوازي مع تطابق مواقف البلدان العربية والإسلامية وروسيا، يؤكد على أهمية وعمق تأثير اتفاق شرم الشيخ، ومدى أهمية تلك المرحلة من تاريخ العالم وإعادة تشكيل النظام العالمي.

رغم أن مبادرة موسكو لعقد القمة الروسية العربية كانت سابقة لمبادرة ترامب، إلا أن الكرملين وافق على تأجيلها من أجل المصلحة العامة وتثبيت الهدوء والاستقرار والأمن في المنطقة ووقف الحرب في غزة. موسكو تترك المجال للولايات المتحدة أو أي من أطراف الرباعية الدولية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

لا توجد قضية أهم من إنقاذ الشعب الفلسطيني في غزة. يجب أن تشكل جامعة الدول العربية وفوداً عربية برئاسة رؤساء الدول العربية لزيارة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي للتأكيد على مواقف العالم العربي والإسلامي بشأن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

مشاركة المقال: