الجمعة, 10 أكتوبر 2025 09:18 PM

موسكو والأسد: هل تتخلى روسيا عن الرئيس السوري السابق لتأمين مصالحها؟

موسكو والأسد: هل تتخلى روسيا عن الرئيس السوري السابق لتأمين مصالحها؟

تواجه السلطات القضائية الفرنسية تحديات في سعيها لمحاكمة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي يقيم في موسكو منذ ديسمبر 2024. وتتضارب الأنباء حول وضعه الصحي، بما في ذلك تقارير عن تسممه ودخوله المستشفى، إلا أن موسكو لم تؤكد أو تنفِ هذه المعلومات رسميًا.

القضية القانونية: صحافيو حمص 2012

في 2 سبتمبر 2025، أصدر قضاة تحقيق فرنسيون مذكرات توقيف بحق سبعة مسؤولين في النظام السوري السابق، بينهم بشار الأسد، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتأتي هذه المذكرات على خلفية قصف مركز صحافي غير رسمي في بابا عمرو – حمص في 22 فبراير 2012، والذي أدى إلى مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي أوشليك.

وجاءت هذه المذكرات بعد تحقيقات مطولة شاركت فيها جمعيات حقوقية مثل الشبكة السورية لحقوق الإعلام والتعبير، ومنظمات دولية مثل الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH) ومراسلون بلا حدود.

إلى جانب الأسد، شملت المذكرات شقيقه ماهر الأسد، ورئيس شعبة المخابرات العامة آنذاك علي مملوك، ورئيس أركان الجيش علي أيوب، ورؤساء أجهزة أمنية أخرى مثل غسان بلال ومحمد ديب زيتون ورفيق شحادة.

الحصانة القانونية: آخر التطورات

في السابق، أبطلت محكمة النقض الفرنسية مذكرة توقيف صدرت في قضية تتعلق بهجمات كيميائية عام 2013، بحجة تمتع الأسد بحصانة كرئيس دولة آنذاك.

إلا أن المحكمة نفسها أشارت إلى إمكانية إصدار مذكرات توقيف جديدة، نظرًا لانتفاء صفة الرئيس عن الأسد، وبالتالي عدم سريان الحصانة الشخصية التي كانت تحول دون ملاحقته أثناء توليه المنصب.

كما قررت محكمة النقض أن الحصانة الوظيفية لا تنطبق على الجرائم الدولية الخطيرة مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مما يتيح متابعة القضايا القضائية ضد المتورطين.

إمكانية المحاكمة غيابياً والتحديات العملية

يسمح القانون الفرنسي بالمحاكمة غيابيًا في حال تعذر توقيف المتهم، وهي آلية ممكنة وفقًا لخبراء القانون.

إلا أن تنفيذ هذه المذكرات، في حال صدورها ضد الأسد وغيره، يعتمد على مكان تواجدهم وتعاون الدول المعنية، وعلى رأسها روسيا التي يُقيم فيها الأسد حاليًا. ويُعد غياب هذا التعاون عائقًا كبيرًا أمام أي توقيف فعلي.

تُعتبر مذكّرتا التوقيف الصادرتان في سبتمبر 2025 بشأن قصف مركز صحافي في حمص عام 2012 خطوة قانونية مهمة نحو تحقيق العدالة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وأكدت المجالس الفرنسية المختصة أن هذه التهم تستند إلى تحقيق جنائي معمق استغرق سنوات، وشمل جمع شهادات وأدلة تثبت أن القصف كان متعمدًا بهدف استهداف الصحافيين الأجانب وتقييد التغطية الإعلامية لنظام الأسد.

خلاصة وتوقعات

يمكن القول إن الملف القضائي ضد بشار الأسد قد اكتسب زخمًا كبيرًا، وأن مذكرات التوقيف تمثل جزءًا من استراتيجية العدالة الدولية التي تعتمد على مبدأ الاختصاص العالمي في الجرائم الدولية.

ورغم تحدي الحصانة التي كان يتمتع بها كرئيس دولة قانونيًا، إلا أن العقبة الأكبر تظل في توقيفه الفعلي أو تسليمه، خاصة في ظل استمرار تواجده في روسيا وغياب أي تعاون رسمي من جانبها.

ويرى محامون ومنظمات حقوقية أن الطريق إلى محاكمة الأسد مفتوح قانونًا، حتى لو كانت غيابية، لكن الأمر يتوقف على تحويل هذه الخطوة القضائية إلى تحرك سياسي ودبلوماسي على أرض الواقع.

مشاركة المقال: