علقت لجنة التحقيق في أحداث السويداء على التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهم القوات الحكومية بتنفيذ إعدامات خارج نطاق القضاء في السويداء. ووصف عمار عز الدين، المتحدث باسم اللجنة، تقرير المنظمة بأنه "مجتزأ"، مشيراً إلى أنه يركز على الانتهاكات من جانب واحد فقط.
وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت تقريرًا في 2 أيلول، تضمن أدلة تزعم تنفيذ القوات الحكومية السورية لعمليات إعدام بحق عشرات الدروز في السويداء، وذلك في 15 و16 تموز الماضي. في المقابل، رحبت وزارة الداخلية السورية بالتقرير، ودعت إلى تقديم أي أدلة موثقة للانتهاكات إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في الأحداث.
وفي تصريح لقناة "الإخبارية" السورية، أكد عز الدين أن التقرير لا يراعي المسؤولية القانونية والأخلاقية، مشددًا على ضرورة أن يشير التقرير إلى الانتهاكات من جميع الأطراف. وكشف عن اتفاق اللجنة مع وزارة العدل السورية لإصدار رد قانوني على تقرير منظمة العفو الدولية، مؤكدًا أن اللجنة تقف على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري.
وفي تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أوضح المتحدث أن اللجنة استجوبت العديد من المشتبه بهم في ارتكاب انتهاكات، بعد ظهورهم في مقاطع فيديو تم تداولها عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف عز الدين أن هذه المقاطع صُورت في محافظة السويداء والمناطق المحيطة بها خلال الفترة بين 14 و17 تموز الماضي، مما استدعى تحركًا عاجلًا من الجهات المعنية.
وألقت وزارتا الداخلية والدفاع القبض على المشتبه بهم واحتجزتهم تمهيدًا للتحقيق معهم، وتولت اللجنة مسؤولية التحقيق في ملابسات الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، تمهيدًا لإحالتهم إلى القضاء ومحاكمتهم وفقًا للقوانين السورية النافذة.
وكانت اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء قد كشفت عن الخطوات التي اتخذتها منذ تشكيلها بموجب القرار "1287" في 31 تموز الماضي، والتي شملت البحث في الظروف والملابسات، والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون، وإحالة المتورطين إلى القضاء.
تقرير “العفو الدولية”
أفاد تقرير منظمة العفو الدولية بأن مقاطع فيديو تظهر رجالًا مسلحين بزي عسكري وهم يعدمون 12 رجلًا رميًا بالرصاص، في مواقع مختلفة منها مدرسة وساحة عامة وشقة سكنية. وأشارت المنظمة إلى أنها تحدثت إلى أقارب الضحايا والسكان لتأكيد هوياتهم. كما وثقت إعدام عامل طبي في أحد مستشفيات السويداء على أيدي مسلحين بزي عسكري، بحضور مسلحين آخرين وعنصر في الأمن العام.
وقالت ديانا سمعان، الباحثة المعنية بشؤون سوريا في منظمة العفو الدولية، إن "قتل القوات الأمنية أو العسكرية الحكومية بصورة متعمدة وغير مشروعة لشخص ما، أو فعل ذلك قوات تابعة لها بتواطؤ من الحكومة أو برضاها، يشكل عملية إعدام خارج نطاق القضاء، وهي جريمة يشملها القانون الدولي". ودعت الحكومة السورية إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه في عمليات الإعدام هذه، ومحاسبة مرتكبيها في إجراءات قضائية عادلة بدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام.
وكانت وزارة الدفاع السورية قد تحدثت عن انتهاكات "صادمة وجسيمة" ارتكبتها مجموعة غير معروفة ترتدي الزي العسكري، وتعهدت باتخاذ "أقصى العقوبات" بحق الأفراد المرتكبين للانتهاكات في مدينة السويداء، حتى لو كانوا منتسبين إلى تشكيلات الدفاع. كما تضمن التقرير توثيقًا لإطلاق النار المتعمد على 46 شخصًا من الطائفة الدرزية وقتلهم، إضافة إلى إعدام وهمي لشخصين كبيرين بالسن في 15 و16 تموز الماضي.
وفي الأيام التي نفذت فيها هذه الإعدامات، أطلق رجال مسلحون في السويداء شعارات طائفية ضد أفراد الطائفة الدرزية وعاملوا رجال الدين بطريقة مهينة، مثل حلق شواربهم بالقوة، علمًا أن الشاربين يتسمان بأهمية ثقافية بالمدينة. وتحقق مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية من 22 مقطع فيديو وصورة، وأجرى تحليلًا للأسلحة.
اختطاف متبادل
تلقت المنظمة تقارير حول عمليات اختطاف ارتكبتها جماعات درزية مسلحة ومقاتلون من العشائر البدوية، بين 17 و19 تموز الماضي، وتجري المنظمة حاليًا تحقيقًا في هذه التقارير. وذكر التقرير أن المنظمة بعثت رسالتين إلى وزيري الداخلية والدفاع السوريين، وعرضت عليهما النتائج الأولية التي توصلت إليها، وطالبت بمعلومات حول سير التحقيق الحكومي في الأحداث، بما في ذلك دور القوات الحكومية، والخطوات المتخذة لمساءلة الجناة، والتدابير المتخذة لحماية الأشخاص من الانتهاكات، ولكنها لم تتلق أي رد حتى نشر البيان.
ووفقًا للأدلة التي جمعتها، كان الرجال المتورطون في تنفيذ عمليات الإعدام يرتدون أنواعًا مختلفة من الملابس، كالزي العسكري، والملابس المدنية مع سترات ذات طابع عسكري، وزي أسود "سادة" يتسق مع ذلك الذي ترتديه قوات الأمن الرسمية، وحمل بعض هذه البذلات شارات "الأمن العام".
“الداخلية” تدعو إلى تقديم الأدلة
رحبت وزارة الداخلية السورية بالتقرير الصادر عن “العفو الدولية”، وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، إن الوزارة تنظر بعين الإيجابية والاهتمام إلى التقرير، وترجو أن يسهم في تعزيز حقوق الإنسان في سوريا. ودعا كل من لديه أدلة موثقة تكشف عن انتهاكات، وتدين متورطين، إلى تقديم ما لديهم إلى اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في أحداث السويداء، وأكد في حديثه مع وكالة الأنباء السورية، “نمد أيدينا لأي جهة تسهم في مساعدتنا لتكريس سيادة القانون، وإنصاف الضحايا، إذا كانت تملك ما يدعم ذلك من أدلة مادية موثقة”.
أحداث السويداء
بدأت أحداث السويداء في 12 تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة. تدخلت الحكومة السورية في 14 تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، وتصرفات مهينة، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية. في 16 تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، بحسب شهادات حصلت عليها عنب بلدي، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل “فزعات عشائرية” نصرة لهم.
“العفو الدولية” تتهم قوات حكومية بتنفيذ إعدامات بالسويداء