الأحد, 1 يونيو 2025 05:43 PM

منغ: بلدة الأشباح.. سبع سنوات من النزوح والدمار والألغام تحول دون عودة الأهالي

منغ: بلدة الأشباح.. سبع سنوات من النزوح والدمار والألغام تحول دون عودة الأهالي

على أطراف مخيم باب السلامة، يجلس حسن سويد، نازح من بلدة منغ، يحدّق في الفراغ بينما ترتسم على وجهه ملامح التعب والحنين. يقول لمنصة سوريا 24: “تهجّرنا من بلدتنا منذ سبع سنوات، بعدما استهدفتنا الطائرات الروسية، وهاجمتنا ميليشيات قسد”. ويضيف: “لجأنا إلى هذا المخيم، وما زلنا فيه حتى اليوم. بلدتنا مدمّرة تمامًا، ولم تعد صالحة للسكن؛ لا منازل، ولا ماء، ولا كهرباء… كل شيء مفقود”.

بلدة خالية من الحياة… ولا عودة في الأفق

بلدة منغ، الواقعة شمال حلب، كانت تضم قبل التهجير نحو 25 ألف نسمة، لكنها اليوم أصبحت خالية من سكانها بالكامل. يؤكد أحمد دك، أحد أبنائها، أنه “لم يعد أي شخص إلى البلدة حتى الآن”، مشيرًا إلى أن البيوت مهدّمة، والشوارع غارقة في الركام، والخدمات الأساسية منهارة تمامًا. شبكة المياه والصرف الصحي متوقفة، والخزانات المرتفعة متضررة، ولا يوجد أثر لأي شبكة كهرباء. ويضيف: “حتى المدارس، فقد دُمّرت اثنتان منها بشكل كامل، في حين توجد مدرسة واحدة فقط بحاجة إلى ترميم عاجل، لكنها أيضًا غير صالحة للاستعمال”.

ولا تقتصر المأساة على الجانب الخدمي، إذ تعاني البلدة من وجود أنفاق مجهولة وألغام مزروعة، تُشكّل تهديدًا دائمًا للسكان. وقد سُجّلت أكثر من 15 إصابة، بعضها بتر أطراف، وأخرى كانت قاتلة، في صفوف من حاولوا فقط زيارة منازلهم أو العودة إلى أراضيهم الزراعية.

معاناة مستمرة في الظل… لا منظمات ولا وعود

ورغم حجم الكارثة، يؤكد أبناء منغ أن أي منظمة إنسانية لم تدخل إلى البلدة حتى الآن، كما لم يتلقَّ السكان أي وعود بخصوص المساعدة أو إعادة الإعمار. سكان البلدة موزّعون بين مخيمات عشوائية قرب مدينة إعزاز، وبعضهم لجأ إلى مناطق محرّرة قريبة، أو غادر إلى تركيا. ومعظم العائلات، وعلى رأسها كبار السن والنساء والأطفال، لا تزال تقطن خيامًا تفتقر إلى أدنى مقوّمات الحياة.

احتياجات عاجلة… وخوف من النسيان

في ظل هذا الواقع، يقول الأهالي إن أهم ما تحتاجه البلدة اليوم هو إعادة تأهيل شبكة المياه والصرف الصحي، وتجهيز شبكة كهرباء مستقرة، وحفر بئر عميقة وتركيب مضخة. كما يشدّدون على ضرورة ترميم المدارس، والمستوصف، ومباني البلدية والبريد التي تضررت بشكل كبير، إلى جانب إزالة الأنقاض وتطهير الأراضي من الألغام.

بسام الحجي، رئيس المجلس المحلي لبلدة منغ، أوضح أن المجلس وثّق الانفجارات والإصابات، مشيرًا إلى أن ملف الأنفاق والألغام يشكّل كابوسًا حقيقيًا، خاصة للمزارعين الذين يحاولون العمل في أراضيهم. وأضاف أن استمرار غياب الدعم والمنظمات يضع البلدة وسكانها أمام مصير مجهول، ويزيد من صعوبة أي محاولة للعودة أو الإعمار.

“منغ ليست مجرد بلدة… إنها حياتنا”

يختم حسن سويد حديثه بصوت خافت فيه من الأمل ما يكفي ليقاوم الألم: “نحن لا نطلب المعجزات. فقط نريد أن نعود إلى بلدتنا، نصلح بيوتنا، نعلّم أولادنا، ونعيش بكرامة. منغ ليست مجرد بلدة… منغ هي حياتنا. سبع سنوات من الغربة تكفي. آن الأوان لنُسمَع”.

مشاركة المقال: