الثلاثاء, 3 يونيو 2025 07:36 AM

حلب: المناطق الصناعية تختنق بالإهمال.. نقص الكهرباء والخدمات يهدد الإنتاج

حلب: المناطق الصناعية تختنق بالإهمال.. نقص الكهرباء والخدمات يهدد الإنتاج

حلب – محمد ديب بظت تعاني المناطق الصناعية داخل مدينة حلب من صعوبات مزمنة منذ عهد النظام السابق، أبرزها منطقتا "العرقوب" و"الكلاسة" اللتان تضمان مئات الورشات والمصانع الصغيرة والمتوسطة.

في منطقة "العرقوب"، يشتكي الصناعيون من ضعف التيار الكهربائي وتكدس النفايات الصناعية والمنزلية لأيام، ما يزيد من خطر الحرائق، خاصة في الصيف. كما يعانون من ضعف الأمان والسرقات المتكررة بسبب غياب الدوريات وكاميرات المراقبة.

يرى بعض الصناعيين أن هذه المناطق "خارج خريطة الاهتمام" مقارنة بـ"الشيخ نجار" التي تحظى بدعم حكومي وخدمي أفضل.

"لا صناعة بلا كهرباء"

وصف رئيس لجنة "العرقوب" الصناعية، تيسير دركلت، الواقع الخدمي بأنه "لا يرقى إلى مستوى مكانتها واحتياجاتها"، معتبرًا أن المشكلة الأعمق هي الكهرباء، قائلاً: "لا صناعة دون كهرباء".

أضاف أن التغذية الكهربائية لا تتجاوز 8 ساعات يوميًا، ورغم إضافة ساعتين جديدتين مؤخرًا، فإن ذلك لا يكفي لتشغيل بعض الورشات التي تحتاج إلى 16 ساعة عمل. هذا النقص يدفع أصحاب الورشات إلى تشغيل مولدات خاصة لمدة لا تقل عن 4 ساعات يوميًا، ما يرفع التكاليف التشغيلية ويهدد استمرارية الإنتاج.

أشار دركلت إلى أن كمية الكهرباء الموردة إلى حلب غير كافية مقارنة بدمشق، معتبرًا أن سوء التوزيع الكهربائي أزمة قديمة تعود إلى زمن النظام السابق، حيث كانت حلب تعامل كمركز ثانوي اقتصاديًا.

أضاف أن مؤسسة الكهرباء تتحمل جزءًا من المسؤولية، لكن الكمية المخصصة لحلب قليلة جدًا ولا تغطي احتياجات السكان والمنشآت الصناعية.

قوانين "مجحفة"

لا تقتصر المشكلات على الكهرباء، بل تمتد إلى ضعف خدمات الإنترنت، وتردي الشوارع، وتراكم المخلفات. ووصف دركلت هذه القضايا بأنها مشكلات مزمنة تحتاج إلى خطة شاملة لإعادة تأهيل المناطق الصناعية.

كما نوه إلى عدم وضوح القوانين المتعلقة بالصناعة بعد التحرير، مطالبًا بإعادة صياغتها بما يتلاءم مع حجم التحديات.

أشار إلى أن عدد العاملين في منطقة "العرقوب" وحدها يبلغ نحو 8000 عامل، يتقاضون رواتب تتراوح بين 150 و200 دولار شهريًا، معتبرًا أنها "غير كافية 100%" في ظل التضخم وغلاء المعيشة.

كما تحدث عن مشكلة النقل الجماعي، موضحًا أن العمال يضطرون للتنقل فرادى بسبب غياب وسائط نقل منتظمة، ما يخلق ضغطًا إضافيًا على أرباب العمل.

أوضح دركلت أن المناطق الصناعية شهدت فجوة أمنية بعد التحرير، ما اضطر الصناعيين إلى تأمين الحماية الذاتية عبر حرس خاص بتمويلهم الشخصي.

ختم حديثه بالإشارة إلى أن جميع هذه المشكلات موثقة ومرفوعة إلى الجهات الحكومية، معتبرًا أن المطلوب هو أن تصل أصوات الصناعيين فعلًا، لا أن يكتفى بالحضور الشكلي.

"منافسة غير متكافئة"

من جهته، أشار رئيس لجنة "الكلاسة" الصناعية، محمد قزموز، إلى مشكلة الكهرباء كأبرز العوائق، موضحًا أن 12 ساعة من التغذية الكهربائية لا تلبي احتياجات المنشآت الصناعية، خاصة عند المقارنة بمناطق أخرى تحصل على الكهرباء على مدار 24 ساعة.

اعتبر أن هذا التفاوت خلق نوعًا من المنافسة غير المتكافئة، إذ ترتفع تكلفة الإنتاج في "الكلاسة" نتيجة الاعتماد الجزئي على الكهرباء، والجزئي الآخر على المولدات، ما يدفع الصناعيين للنزوح إلى المناطق التي تتوفر فيها الكهرباء بشكل دائم.

فيما يخص ترحيل الأنقاض، أشار قزموز إلى أن الوضع جيد نسبيًا، إلا أن هناك مشكلة مع مناشر الحجر التي تحولت إلى مكبات للنفايات.

أشار إلى تحسن ملحوظ في الوضع الأمني، بفضل مجموعة للحراسة شُكلت بالتنسيق مع الأمن العام وقسم شرطة الكلاسة.

شدّد قزموز على ضرورة توفير مصادر طاقة بديلة لإنارة الشوارع، إذ تعاني المنطقة من ظلام دامس ليلًا.

بين عام 2017 وحتى سقوط نظام بشار الأسد، شكل حضور "الفرقة الرابعة" عبئًا على الصناعيين، إذ فرضت الحواجز التابعة لها إتاوات على حركة البضائع، ما قاد إلى إغلاق عشرات الورشات.

في تلك الفترة، تمحورت مطالب أصحاب الورشات حول "كف يد الأجهزة العسكرية عن القطاع الصناعي"، وخصوصًا "الفرقة الرابعة" التي تحولت إلى سلطة غير رسمية تبتز من تبقى في دورة الإنتاج.

مشاركة المقال: