الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 02:20 PM

تركيا وإسرائيل: تنافس على النفوذ في سوريا وغزة.. هل يتطور إلى صراع؟

تركيا وإسرائيل: تنافس على النفوذ في سوريا وغزة.. هل يتطور إلى صراع؟

ترتبط إسرائيل وتركيا بعلاقة معقدة تتسم بالتنافس والتنسيق. بدأ السباق على النفوذ في المنطقة من سوريا وامتد ليشمل غزة، لكن هذا التنافس يخضع لضوابط تهدف إلى تجنب الصدام، وذلك بسبب المصالح المشتركة والعلاقات القوية التي تربط أنقرة وتل أبيب بواشنطن، والتي تلعب دوراً في توزيع الأدوار في الشرق الأوسط وغرب آسيا بعد التغيرات الاستراتيجية الأخيرة.

يرى بعض المحللين أن تركيا تحاول أن تحل محل إيران في المنطقة، وتسعى إلى بسط نفوذها في مناطق كانت تعتبر سابقاً تحت النفوذ الإيراني، مثل سوريا وغزة. عززت تركيا علاقاتها مع السلطات السورية الجديدة ونشطت علاقاتها مع حركة "حماس"، ورفعت من حدة التوتر مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، لكنها تمكنت في المقابل من الحصول على موقع في الخريطة الأميركية للشرق الأوسط.

لعبت تركيا دوراً محورياً في التوصل إلى قمة شرم الشيخ. وتشير تقارير، بما في ذلك تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إلى أن تركيا ضغطت على "حماس" لتوقيع الاتفاق. وفي المقابل، منحت الولايات المتحدة تركيا دوراً في مرحلة ما بعد غزة والمنطقة بشكل عام. ومع ذلك، يراقب الجميع اليوم عن كثب كيف ستتعامل إسرائيل مع الدور التركي المتنامي في ظل هذا التنافس.

يشير سمير التقي، الباحث في المجلس الأطلسي في واشنطن، في حديث لـ"النهار"، إلى أن العلاقة بين تركيا وإسرائيل ليست "صفرية"، بل هي "تناقض بناء" وصراع على تقسيم العمل في المنطقة. ويضيف أن أنقرة "أيدت" حركة "حماس" في حرب غزة، لكنها في الوقت نفسه "لم تتدخل" في الصراع بين طهران وتل أبيب، وهو أمر حيوي بالنسبة لإسرائيل التي تسعى إلى "تحجيم" إيران.

تعتبر تركيا حركة "حماس" حليفاً في غزة يمكنها من خلاله الضغط على إسرائيل وحجز مقعد على طاولة المفاوضات. ومن هذا المنطلق، كانت أنقرة جزءاً من اتفاق شرم الشيخ. بالتالي، لا ترى تركيا مصلحة في إنهاء "حماس"، بل تريد تعزيز أهميتها السياسية من خلال دور سياسي لها في غزة. يصب الجهد التركي في خانة التعاون التركي الأميركي لترتيب منظومة العمل في المنطقة.

سوريا: أبرز ميادين التنافس

يمثل الملف السوري أرضية مشتركة أخرى بين إسرائيل وتركيا. تسعى أنقرة إلى جعل دمشق حليفاً قوياً ولاعباً في معادلة الأمن القومي التركي وسوق الطاقة العالمية، نظراً لأهمية موقع سوريا الجغرافي الاستراتيجي لخطوط الغاز التي ستمتد من الخليج العربي نحو أوروبا، والتي ترغب تركيا في أن تمر عبر أراضيها. في المقابل، لدى تل أبيب طموحات مماثلة في سوريا تتعلق بالأمن وأنابيب الغاز والمياه أيضاً.

قد يؤدي التنافس على نفس المصالح في سوريا إلى تصعيد التوتر بين الطرفين لتحقيق المكاسب. وفيما يتعلق بالملف السوري، يشير التقي إلى أن تركيا وإسرائيل "تعاونتا" بشكل وثيق لإسقاط نظام بشار الأسد، وأن تركيا توسطت بين إسرائيل وسوريا في أذربيجان، ضمن الفكرة التي يشدد عليها التقي والقائمة على التناقض "البناء" والصراع على تقسيم العمل.

يستبعد التقي وقوع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وتركيا. ويرى أن تركيا ستسعى بسرعة لتصبح القوة المهيمنة على تصدير الطاقة من وسط آسيا كجزء من "تقسيم العمل" مع إسرائيل والخليج ومصر. ومن هذا المنطلق، تصبح التناقضات حول غاز المتوسط "طفيفة"، وهو ما يفسر التقارب التركي المصري الأخير، وفقاً للتقي، مما يقلل من احتمالات حدوث الصدام.

تفويض أميركي؟

سبق لإيران أن تحركت بضوء أخضر أميركي في الشرق الأوسط، حيث سلحت فصائل موالية لها وتمكنت من تطوير برنامجها النووي، وعقد المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، اتفاقاً معها. كان لطهران دور مرسوم في المنطقة يهدف إلى زعزعة الاستقرار لتكثيف عمليات بيع السلاح الأميركي في المنطقة ودفع خصومها إلى الاقتراب نحو المحور الغربي وتعميق الشراكات معه والتطبيع مع تل أبيب.

الدور الذي تمنحه الولايات المتحدة لتركيا كبير على الساحة الدولية، من الصراع في أوكرانيا إلى الحرب في غزة. يرى التقي أن تركيا تمكنت من إعادة تثبيت "أهميتها الحيوية" بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وأصبحت طرفاً لا يمكن الاستغناء عنه. تلعب أنقرة دوراً في جهود واشنطن لإعادة تأهيل طهران كـ"شريك"، لا لتكون "لاعباً مخرباً"، وبالتالي تريد حصتها.

في المحصلة، فإن العلاقة بين تركيا وإسرائيل معقدة للغاية، ومن المستبعد أن تتخذ شكل العلاقة الإسرائيلية الإيرانية في المدى المتوسط، لأنها تقوم على توزيع الأدوار وليس على التنافس عليها، وذلك بتنسيق أميركي. لكن هذا الواقع لا يلغي احتمالات وقوع الصدام بين أنقرة وتل أبيب إذا تضاربت المصالح ولم تنجح التسويات، خاصة على المدى البعيد.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: