الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 07:33 PM

سوريا تنطلق نحو دبلوماسية خضراء من بيليم: شراكة الفرات والأمازون في مؤتمر المناخ COP30

سوريا تنطلق نحو دبلوماسية خضراء من بيليم: شراكة الفرات والأمازون في مؤتمر المناخ COP30

تتجه الأنظار العالمية إلى مدينة بيليم البرازيلية، حيث سيُفتتح غداً الخميس المؤتمر الثلاثون للأمم المتحدة بشأن المناخ (COP30). يمثل هذا الحدث نقطة التقاء محورية لقضايا البيئة والسياسة والاقتصاد. وعلى وجه الخصوص، تتركز الأنظار السورية على مشاركة الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في هذا المحفل العالمي.

تتجاوز هذه المشاركة البعد البيئي المباشر، حيث تُعلن سوريا عن فصل جديد من الانخراط الدولي بعد سنوات من الحرب والانكفاء. وتعد هذه الزيارة الأولى للرئيس الشرع إلى أمريكا اللاتينية منذ التحرير، كما أنها المرة الأولى التي يخاطب فيها رئيس سوري مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ.

تتبلور معادلة جديدة في الدبلوماسية السورية تمتد من الفرات إلى الأمازون، وتقوم على شراكة خضراء تربط نظامين بيئيين يرمزان إلى الحياة والتجدد، وانفتاح سياسي يمد جسور التعاون مع دول الجنوب العالمي، بعيداً عن محاور الاستقطاب التقليدية.

سيكون لقاء الرئيس الشرع بنظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أكثر من مجرد مجاملة بروتوكولية، إذ يهدف إلى تأسيس حوار استراتيجي بين البلدين اللذين يمتلكان إرثاً غنياً في صياغة نماذج تنموية مستقلة. فالبرازيل، برئاستها الحالية، تمثل صوت الجنوب في النظام الدولي البيئي والاقتصادي، وسوريا اليوم تبحث عن شركاء في هذا المسار، لتعيد تموضعها كدولة فاعلة وذات مسؤولية عالمية.

في خطابه المنتظر أمام قادة العالم، سيحمل الرئيس الشرع رسالة أخلاقية مزدوجة توضح أن الحرب التي فرضها النظام البائد لم تدمر البشر فحسب، بل دمرت الطبيعة أيضاً، فضلاً عن الخسائر البيئية الناتجة عن احتراق الغابات وتلوث الأنهار والأراضي الزراعية، لتبقى شواهد على عمق الجرح الوطني. ومن هنا، فإن تعافي سوريا بعد الحرب لا يكتمل من دون تعافٍ بيئي موازٍ، يجعل من العدالة البيئية ركناً من العدالة الوطنية.

في هذا السياق، يبرز النموذج التنموي السوري الجديد: “التنمية = الإنسان + البنيان”. فإعادة الإعمار لم تعد تُقاس بكمية الأسمنت والطاقة المنتجة، بل بما يُستعاد من كرامة الإنسان وما يُحيى من نظم بيئية، إنها نهضة إنسانية وبيئية في آنٍ معاً، تزرع الأمل حيث كانت أنقاض الحرب.

تُدرك دمشق أن الإرادة التي أعادت المؤسسات بعد الحرب هي ذاتها التي تدفع اليوم نحو النهضة البيئية، ومن خلال موقعها في قمة “COP30″، تسعى سوريا إلى تأكيد انتمائها إلى معسكر العدالة المناخية، مطالبةً بنظام بيئي دولي أكثر توازناً، غير مسيّس، يخدم الشعوب لا مصالح القوى الكبرى.

من بيليم إلى واشنطن، تُرسم ملامح دبلوماسية سورية جديدة قاعدتها المسؤولية والمشاركة والانفتاح، تتحول فيها سوريا إلى دولة تشارك العالم قضاياه الكبرى، وتربط بين تعافيها الداخلي وإسهامها في إنقاذ كوكبٍ واحدٍ يتقاسمه الجميع.

مشاركة المقال: