الإثنين, 20 أكتوبر 2025 01:08 AM

سوريا تنفض غبار الماضي: تحول في السياسة الخارجية من الابتزاز إلى الانفتاح والتعاون

سوريا تنفض غبار الماضي: تحول في السياسة الخارجية من الابتزاز إلى الانفتاح والتعاون

دمشق-سانا: بعد سنوات من العزلة والسياسات التصادمية التي ميزت عهد النظام البائد، تشهد السياسة الخارجية السورية تحولاً ملحوظاً. لم تعد الدبلوماسية السورية أداة للابتزاز السياسي، بل أصبحت وسيلة للتواصل والانفتاح، مما ينقل البلاد من مرحلة الحرب إلى مرحلة البناء والتطلع نحو مستقبل واعد.

منذ التحرير، بدأت الدبلوماسية السورية في إعادة بناء صورة سوريا كدولة ذات سيادة، منفتحة على المبادرات الصادقة التي تدعم أمنها واستقرارها، مع الحفاظ على استقلال قرارها الوطني بعيداً عن الاصطفافات والمحاور.

وفي مقابلة مع قناة الإخبارية، أوضح وزير الخارجية والمغتربين، أسعد حسن الشيباني، معالم هذه السياسة الجديدة، مؤكداً أن سوريا بعد التحرير لم تنضم إلى أي محور ولم تعادِ أحداً، بل تسعى إلى دبلوماسية متوازنة تستعيد من خلالها مكانتها الطبيعية على الساحة الدولية، بما يخدم مصالح الشعب السوري.

وأكد الشيباني أن الدبلوماسية السورية تبذل جهوداً كبيرة لتقديم سوريا كدولة ذات تاريخ عريق، وليست كسلطة استبدادية كانت تتاجر بالمواقف وتقيد البلاد باتفاقيات غير عادلة لضمان بقائها في السلطة. وفي هذا السياق، جاءت مشاركة الرئيس أحمد الشرع في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث ألقى خطاباً لخص فيه القضية السورية، ونقل رؤية الحكومة الجديدة إلى العالم.

وقد نقل الحراك السياسي سوريا من بلد يُذكر في المحافل الدولية كمأساة إنسانية، إلى دولة يُشار إليها اليوم كنموذج في تجاوز الأزمات واستعادة السيادة الوطنية بوعي وانفتاح وتوازن. تعكس هذه السياسة آمال السوريين وتطلعاتهم، وتعمل على تصحيح العلاقات مع الدول التي كانت تدعم النظام البائد سياسياً.

تتركز السياسة السورية الجديدة على معالجة تركة النظام البائد الذي شوه صورة البلاد في الخارج، واعتمد على "البلطجة السياسية" وتوتير العلاقات مع الدول المجاورة. واليوم، بدأت هذه السياسة تحقق نتائج إيجابية، مع عودة سوريا إلى المحافل الدولية بصورة جديدة، كطرف فاعل في الحوار، وليس كساحة لصراعات الآخرين.

وكانت إعادة بناء العلاقة مع روسيا اختباراً حقيقياً للدبلوماسية الجديدة، بعد أن أفسدها النظام البائد بتنازلات غير متكافئة. تقوم هذه العلاقة اليوم على أسس السيادة الوطنية والاحترام المتبادل، بما يضمن مصالح السوريين أولاً. كما تم تصحيح العلاقة مع الصين، التي كانت تستخدم مع روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لصالح النظام البائد، ليتم إعادة صياغتها بما يخدم الشعب السوري.

وبالتوازي مع تصحيح العلاقات مع القوى الكبرى، نجحت الدبلوماسية السورية في إعادة الانفتاح على العالم العربي، وعلى المنظمات الدولية والإقليمية التي غابت عنها سوريا لسنوات. وأكد الوزير الشيباني أن هذه العودة لم تكن مجرد إجراء شكلي، بل كانت عودة للصوت السوري الحقيقي إلى مكانه الطبيعي، صوت الشعب الذي خرج من رحم الثورة والمعاناة، ويتطلع إلى بناء وطنه بكرامة لا بوصاية.

وفيما يتعلق بملف العقوبات وإعادة الإعمار، أسفرت الجهود الدبلوماسية عن رفع معظم العقوبات، مما سيسهل عملية إعادة بناء ما دمره النظام البائد. وتعمل الحكومة أيضاً على فتح قنوات تعاون مع الدول الصديقة لتأمين عودة كريمة للاجئين، ومعالجة آثار الحصار الذي أضر بالبلاد لسنوات. فمرحلة السلام لا تقل صعوبة عن مرحلة الحرب، وتتطلب جهوداً مضاعفة لترسيخ الاستقرار والانطلاق نحو البناء.

مع سقوط النظام البائد، بدأت سوريا مرحلة سياسية جديدة تقوم على الانفتاح والمصالح المشتركة والحفاظ على السيادة الوطنية. وقد عاد مقعد سوريا في الأمم المتحدة إلى من يمثّل الشعب لا من قهره. إنها دبلوماسية تعمل بهدوء وثبات، وفق رؤية وتخطيط بعيداً عن الأوهام والاستقطابات، وتفتح أبوابها للجميع لتعزيز النجاحات التي تحققت، بما يواكب تطلعات السوريين ويعكس صورة بلادهم الحضارية والمشرقة في العالم.

مشاركة المقال: