الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 01:44 PM

قمة شنغهاي: هل تنجح في تحدي الهيمنة الغربية وبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب؟

قمة شنغهاي: هل تنجح في تحدي الهيمنة الغربية وبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب؟

حسن حردان: تشير نتائج قمة منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي والأمني الأخيرة إلى الأهمية المتزايدة التي تكتسبها المنظمة كقطب عالمي يطمح إلى منافسة القطب الغربي، وربما تهديده. وعلى الرغم من أن المنظمة لم تصل بعد إلى تشكيل قطب عالمي منافس بشكل كامل، إلا أن القمة عكست بوضوح تصميم قادتها على تحقيق هدفهم الاستراتيجي المتمثل في بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب.

بالنظر إلى النتائج التي أسفرت عنها القمة السابعة والأربعون، يمكن تسجيل النقاط التالية:

أولاً، النتائج على الصعيدين السياسي والاقتصادي:

  1. تحدي الهيمنة الأحادية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية: انعقاد القمة يمثل تأكيداً وتصميماً من قادة الدول الأعضاء على تحدي الهيمنة الغربية الأحادية، خاصة في ظل التوترات التجارية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على دول مثل الصين والهند. وقد عزز ذلك التقارب بينهما ومنح منظمة شنغهاي دفعة جديدة في سعيها لكسر الأحادية القطبية، لصالح بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب بعيداً عن الهيمنة.
  2. تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية بين الدول الأعضاء: تهدف المنظمة إلى تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والعسكري بين الدول الأعضاء، التي تمثل حوالي نصف سكان العالم وربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وذلك على النحو الذي يمكنها من مواجهة العقبات والتحديات التي تحاول الدول الغربية وضعها في طريق منظمة شنغهاي.
  3. العمل على بناء نظام مالي بديل للنظام المالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة: شهدت القمة تركيزاً متزايداً على استخدام العملات الوطنية في التجارة البينية بين الدول الأعضاء، وهو ما يُنظر إليه كخطوة لتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي، وتجاوز نظام التحويلات عبر السويفت الذي تتحكم به واشنطن.
  4. مبادرة الحوكمة العالمية: طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة للحوكمة العالمية تهدف إلى إقامة نظام دولي أكثر عدلاً ومساواة، يعتمد على مبادئ التعددية وسيادة القانون، وهو ما يشكل نقيضاً للنظام العالمي الذي تهيمن عليه أميركا ويقوم على ابتزاز الدول واستغلال ثرواتها.
  5. حلّ النزاعات: نجحت المنظمة في حلّ بعض النزاعات الحدودية بين الدول الأعضاء، مما يعكس دورها في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
  6. التوسّع: تُظهر القمة توسع المنظمة وانضمام دول جديدة، مما يعزز ثقلها الجيوسياسي.

ثانياً، النتائج على صعيد تحدي الهيمنة الغربية:

على الرغم من التقدم الذي حققته منظمة شنغهاي على صعيد تحدي الهيمنة الأحادية الغربية، إلا أن الطريق أمامها لا يزال طويلاً لتصبح قطباً عالمياً منافساً. فبعض دولها لا تزال مرتبطة بعلاقات وثيقة مع الغرب، كما أن هناك خلافات داخلية، مثل الخلافات الحدودية السابقة بين الصين والهند، إلا أن القمة تؤكد رغبة هذه الدول في بناء نظام عالمي بديل لا يخضع لسيطرة القطب الواحد.

ثالثاً، على صعيد التقارب بين الصين والهند:

حققت قمة شنغهاي تقارباً مهماً وملموساً بين الصين والهند، وذلك على الرغم من وجود خلافات حدودية سابقة بين البلدين، ويُنظر إلى هذا التقارب على أنه خطوة مهمة لتعزيز دور المنظمة كقوة منافسة وموازنة للقطب الغربي. تجلى هذا التقارب في الآتي:

  1. تأكيد الجانبين الصيني والهندي على حلّ الخلافات: تعهّد كلّ من الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال القمة بحلّ الخلافات الحدودية، مما يُعدّ تطوراً مهماً يضع حداً لتوترات سابقة.
  2. تحسين العلاقات: أشار مودي إلى أنّ العلاقات مع الصين “تحركت في اتجاه هادف” وأنّ هناك “بيئة سلمية على الحدود بعد فك الاشتباك”.
  3. تعزيز التعاون: تمّ الاتفاق على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، وناقش البلدان تخفيف القيود التجارية واستئناف الرحلات الجوية المباشرة.
  4. الهدف المشترك: أكد شي أنّ العلاقة بين البلدين يجب أن تكون علاقة “شريكين، وليس خصمين”، وأنّ الهدف المشترك هو توفير فرص التنمية، مما يرسّخ فكرة التعاون مقابل التنافس.

انطلاقاً مما تقدّم، يبدو من نتائج القمة أنّ منظمة شنغهاي تسير قدُماً نحو تعزيز حضورها كقطب عالمي ينافس بقوة أحادية القطب الغربي، لا سيما أنّ مركز الثقل في الاقتصاد العالمي بات ينتقل من الغرب إلى الشرق حيث معدلات النمو والبيئة المواتية للاستثمار من قبل الشركات.

(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: