الإثنين, 11 أغسطس 2025 03:19 PM

بيان مجلس الأمن يجدد التأكيد على القرار 2254 كإطار للحل السياسي في سوريا: قراءة في آراء السياسيين

بيان مجلس الأمن يجدد التأكيد على القرار 2254 كإطار للحل السياسي في سوريا: قراءة في آراء السياسيين

القامشلي – نورث برس

يرى سياسيون أن البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا يمثل تأكيداً هاماً على المرجعية الدولية للحل السياسي، وتحديداً القرار 2254، باعتباره إطاراً أساسياً للحل في سوريا. وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أصدر بالإجماع في 18 كانون الأول/ديسمبر 2015 القرار رقم 2254، المتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا.

ويشير السياسيون إلى أن البيان يفتقر إلى الصفة الإلزامية للقرار، مما يجعله مجرد إشارات سياسية تتطلب تفعيلاً عملياً على أرض الواقع. كما يرون أن التحديات التي تواجه الحكومة السورية الانتقالية تتجاوز مسألة سقوط النظام السابق، لتشمل قضايا اجتماعية عميقة، وعلى رأسها حماية الأقليات وإصلاح موروثات الماضي.

إعادة تذكير بالقرار 2254

يؤكد أنس جودة، رئيس "حركة البناء الوطني"، أن البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا قد أعاد إلى الأذهان القرار الدولي 2254 كإطار للحل السياسي في سوريا. وأوضح جودة في تصريح لنورث برس أن "البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن أدان أعمال العنف في السويداء، وأكد على حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية".

وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر يوم أمس الأحد بياناً شاملاً حول الأوضاع في سوريا، مشدداً على ضرورة تنفيذ عملية سياسية شاملة للجميع بقيادة وملكية سورية، استناداً إلى المبادئ الرئيسية الواردة في القرار 2254.

إشارات سياسية

يوضح أنس جودة أن الأمر يتعلق ببيان رئاسي وليس بقرار ملزم، مما يعني أننا أمام إشارات سياسية دولية لا ترقى بعد إلى مستوى نقطة تحول حاسمة. ويشير السياسي السوري إلى أن أهم هذه الإشارات تتمثل في رفض أي حلول جزئية أو ترتيبات منفردة، إقليمية أو دولية، والتشديد على أن المرجعية الدولية المتمثلة بالقرار 2254 هي الأساس لأي حل سياسي، بالإضافة إلى التأكيد على تعزيز دور المبعوث الخاص للأمم المتحدة كمحرك للعملية السياسية.

ويوضح جودة أن هناك إشارة مبطنة إلى إمكانية عودة الدور الروسي إلى الطاولة السياسية عبر مسار 2254. ويذكر أنه "حتى يتحول هذا البيان إلى نقطة تحول فعلية، لا بد من تحقيق ما يلي: إنشاء آلية مراقبة ميدانية فعّالة لوقف إطلاق النار وحماية المرافق المدنية، وربط الحوافز والانفتاح السياسي والاقتصادي بسلوك الأطراف على الأرض، وإطلاق مسار تفاوضي تدريجي قائم على خطوات متبادلة".

ويضيف: "يبدأ المسار من ملفات محلية كالسّويداء وشمال شرق سوريا، ثم يتوسع ليشمل القضايا الوطنية الكبرى، وإعادة تفعيل مسار جنيف كمنصة رئيسية للعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة". ويشير إلى أنه يقع على عاتق الحكومة السورية قبل أي طرف آخر استثمار هذه الإشارات وتحويلها إلى خطوات عملية قابلة للقياس، لأن هذا التفاعل الإيجابي، وعدم إضاعة الوقت في منطق الغلبة والسيطرة العسكرية، هو وحده الكفيل بفتح طريق حقيقي نحو بداية الاستقرار والسلام المستدام في سوريا."

مشاكل عميقة

يقول حازم الغبرا، السياسي والمستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية، إن الدول الغربية وصناع القرار الدولي يركزون اليوم على بنود القرار 2254، خصوصاً المتعلقة بالأقليات في سوريا، التي تواجه مشاكل سياسية واجتماعية عميقة داخل النسيج المجتمعي.

ويضيف الغبرا لنورث برس: "الحكومة السورية لا ترغب في معاداة الأقليات، وهذا أمر لا يزال قيد البحث، إلا أن هناك شرائح واسعة من السوريين تعادي هذه الأقليات، مما يضع على عاتق الحكومة الجديدة مسؤولية كبيرة في حمايتهم اجتماعياً وإعلامياً وأمنياً". ويشير إلى أنه لم يتضح حتى الآن مدى قدرة الحكومة السورية على الوفاء بهذه المسؤولية.

ويقول: "المشكلة في سوريا أعمق من مجرد سقوط نظام بشار الأسد، فالمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية متجذرة، خصوصاً بعد نظام استمر 60 عاماً، والمسؤولية الأساسية تقع على عاتق الحكومة السورية ورئيسها أحمد الشرع، وليس على الولايات المتحدة أو الدول الغربية أو دول المنطقة".

معركة حقيقية

وبيّن حازم الغبرا أنه "رغم الجهود الدبلوماسية التي بذلها الشرع ووزير خارجيته، إلا أن غياب بنية داخلية صلبة أدى إلى تفاقم الأوضاع في عدة مناطق مثل الساحل والسويداء، مع عدم التقدم في الحوار مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)". ويشير السياسي الأميركي إلى أن التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة تكمن في إصلاح الأخطاء السابقة، مثل تلك التي وقعت في المؤتمر الوطني، حيث لم يكن شاملاً لحجم ما هو مطلوب.

ويقول: "المعركة الحقيقية هي تحرير العقل السوري من موروثات الماضي، وهو التحدي الأكبر الذي يجب أن يواجهه الرئيس السوري أحمد الشرع وحكومته لتحقيق إصلاح حقيقي".

إعداد وتحرير: عبدالسلام خوجة

مشاركة المقال: