الأربعاء, 28 مايو 2025 11:07 PM

نائب الرئيس التركي: سوريا تستحق السلام والاستقرار بعد سنوات الصراع

نائب الرئيس التركي: سوريا تستحق السلام والاستقرار بعد سنوات الصراع

أكد نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، أن الشعب السوري دفع ثمنا باهظا جراء أكثر من عقد من الصراعات الدامية، وهو يستحق اليوم بيئة مستقرة وآمنة يمكنه العيش فيها بكرامة، مشدداً على أن تركيا تعمل بجد وجهد كبير لبناء هذا الاستقرار، وإعادة بناء سوريا كدولة مزدهرة ومصدر أمان للمنطقة بأكملها.

وقال يلماز في تصريحات لموقع “الجزيرة نت”، أمس الإثنين، إن سوريا ليست مجرد بلد عربي أو شقيق، بل هي جارة مباشرة لتركيا، وتشترك معها في حدود تتجاوز 900 كيلومتر، مما يجعل أي تطور هناك – إيجابياً كان أم سلبياً – يؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي التركي. ولفت إلى أن “سوريا تقع في صلب اهتمامنا الاستراتيجي، ولن نتوانى عن تقديم كل ما بوسعنا لدعم شعبها واستقرارها”.

وأشار يلماز إلى أن سوريا شهدت ثورة شعبية بعد أكثر من 60 عاماً من حكم ديكتاتوري جائر، مؤكداً أن هذه الثورة كانت بمثابة صرخة للحرية والكرامة، وهي تضع البلاد أمام مرحلة جديدة تتطلب بناء الثقة بين جميع المكونات السورية، وضمان الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها.

وذكر أن موقف تركيا في هذه المرحلة الجديدة يقوم على دعائم واضحة، أولها تحقيق المصالحة الوطنية، وبناء نهج حكم شامل يضم جميع مكونات المجتمع السوري دون تمييز، بما يضمن تمثيلاً عادلاً ويحترم التنوع الثقافي والقومي والديني الموجود داخل النسيج الاجتماعي السوري.

ووصف يلماز الوضع في سوريا بأنه “دمار شامل”، لا يقتصر فقط على البنية التحتية المادية مثل الطرق والمستشفيات والمدارس، بل يشمل أيضاً انهياراً في المؤسسات الحكومية والقضائية والتعليمية، فضلاً عن غياب إطار قانوني واضح ينظم الحياة العامة.

وشدد على أن إعادة إعمار سوريا يجب أن تكون شمولية، وتشمل ليس فقط الجانب المادي، بل أيضاً الجانب المؤسسي والقانوني، إلى جانب خلق بيئة استثمارية واقتصادية تسمح بعودة الاستقرار وخلق فرص عمل للشباب. وفي هذا السياق، أكد أن تركيا تبدي أعلى درجات التضامن مع الشعب السوري، وأنها مستعدة لتقاسم خبراتها في مجالات الحكم المحلي، والتنمية الاقتصادية، وإدارة المناطق الحضرية، وكذلك في بناء المؤسسات الديمقراطية، مضيفاً أن تركيا تقدم دعماً إنسانياً وسياسياً منذ بداية الأزمة السورية، وستستمر في ذلك حتى تستعيد سوريا دورها الطبيعي.

وفي جانب من تصريحاته، انتقد يلماز بشدة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة السورية، والتي وصفها بأنها “تهدد الاستقرار الإقليمي وتعرقل جهود إعادة الإعمار”. وأكد أن هذه الانتهاكات، التي تشمل ضربات جوية وخرقاً للحدود، تُضعف الحكومة المركزية في دمشق، وتعطي انطباعاً بعدم الجدية في تعزيز السلام والأمن في المنطقة.

وأضاف أن تركيا ترفض رفضاً قاطعاً هذه الأعمال الإسرائيلية، وتعتبرها خرقاً صارخاً للقانون الدولي، ولحقوق الشعب السوري في الحياة الآمنة والكريمة، مشيراً إلى أن حكومة نتنياهو تبدو وكأنها تسعى إلى إبقاء المنطقة في حالة فوضى لتخدم مصالحها الخاصة، بدلاً من الانخراط في جهود بناء السلام. كما أشار إلى أن إسرائيل تمارس نفس السياسة في لبنان، مما يدل على نمط متعمد من زعزعة الاستقرار في كامل المنطقة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق، بحسب تعبيره.

وأكد يلماز أن النظر إلى سوريا بعقلية النظام السابق هو خطأ استراتيجي، وأن الحديث الآن يجب أن يكون عن سوريا جديدة تقوم على المواطنة المتساوية، وتكافؤ الفرص، وعدم تمييز أي طائفة أو مجموعة على حساب أخرى. وقال إن وضع أي مجموعة في خانة الأقلية لن يؤدي إلا إلى إضعاف الوحدة الوطنية، مضيفاً أن سوريا الجديدة يجب أن تكون لكل مواطنيها، دون استثناء، وبغض النظر عن الخلفيات العرقية أو الدينية.

وأشاد يلماز بالإرث الحضاري العظيم الذي تمتلكه سوريا، والذي يشكل حسب قوله “ركيزة قوية” لبناء الدولة الحديثة، مؤكداً أن الشعب السوري يتمتع بثقافة تعايش عميقة الجذور، وقد أظهر هذه القدرة رغم سنوات القمع والاضطهاد تحت نظام الأسد السابق. وأشار إلى أنه خلال زياراته السابقة لسوريا عندما كان وزيراً للتنمية، لاحظ بنفسه كيف كان الناس يتعاملون مع بعضهم البعض في الأسواق والشوارع بروح التعايش والاحترام المتبادل، رغم سيطرة نظام استبدادي على مفاصل الدولة.

وختم يلماز تصريحاته بالتأكيد على أن تركيا ستواصل دعمها السياسي والإنساني لإعادة إعمار سوريا، لأن استقرار هذا البلد لا يعني فقط الشعب السوري، بل هو قضية حيوية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط كله، مضيفاً: “أؤمن من قلبي أن سوريا القادرة على الوقوف مرة أخرى ستكون مصدر خير للجميع، وسنبقى إلى جانبها حتى يتحقق ذلك”.

مشاركة المقال: