الأربعاء, 28 مايو 2025 10:55 PM

مفاوضات معلقة: وفود حكومية وكردية تتبادل الزيارات بين الحسكة ودمشق بحثاً عن حلول

مفاوضات معلقة: وفود حكومية وكردية تتبادل الزيارات بين الحسكة ودمشق بحثاً عن حلول

بعد جمود متواصل استمر لأكثر من شهر، عادت أجواء المفاوضات بين ممثلي الحكومة الانتقالية وممثلين عن «قسد» و«الإدارة الذاتية»، في محاولة لتحريك المياه الراكدة، وسط تشديد متبادل على استبعاد الخيارات العسكرية واعتماد الحوار كوسيلة وحيدة لحلّ الخلافات. وشكّلت زيارة وفد من دمشق «مخيم الهول» في ريف الحسكة الشرقي، برفقة وفد من «التحالف الدولي»، بالتنسيق مع «قسد»، مؤشراً إلى سعي دمشق لكسر جليد العلاقات، علماً أن الزيارة جاءت بقصد الاطّلاع على أوضاع قاطني المخيم، وحثّ سكانه من السوريين على العودة إلى مناطقهم، ضمن محاولات سورية متكررة لتفكيك مخيمات النزوح، وخاصة تلك التي تضم عوائل من تنظيم «داعش».

وروّجت وسائل إعلام محسوبة على الحكومة لكون الزيارة تأتي تمهيداً لتسلّم دمشق إدارة المخيمات والسجون من «قسد» تنفيذاً لاتفاق 10 آذار بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، وذلك على الرغم من عدم وجود بند واضح في الاتفاق يتطرّق إلى هذا الأمر. كما ذهبت هذه الوسائل إلى الحديث عن أن مسألة تسليم مناطق سيطرة «قسد» بالكامل، بما فيها من حقول نفط وغاز وأرض زراعية خصبة، باتت وشيكة، مستندة إلى إعلان وزارة الدفاع عن مهلة عشرة أيام للفصائل غير الملتحقة بها لتنظيم أوضاعها.

ودفعت تلك التحليلات، بوزارة الدفاع إلى إصدار توضيح بأن مهلة العشرة أيام، لا تشمل «قسد» التي تخاض مفاوضات منفصلة معها بشأن اندماجها في مؤسسات الدولة. وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطّلعة على الزيارة، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «الوفد الحكومي الذي ضمّ ممثلين عن وزارتَي الخارجية والداخلية وجهاز الاستخبارات العامة، اقتصر نشاطه على تفقّد أوضاع السوريين في مخيم الهول، ولم يقم بزيارة أيّ سجن من السجون التي تضم عناصر داعش».

ووصفت الزيارة بأنها «استكشافية، وتندرج ضمن السعي للاطّلاع على الواقع في مناطق شمال شرق سوريا، بما يعزز مسار المفاوضات»، لافتة إلى أن ملف السجون والمخيمات «هو حتى الآن ملف أميركي بالشراكة مع قسد، بسبب وجود عناصر مدرّبين على تأدية مهام حماية السجون والمخيمات، وعدم صدور أي إشعار أميركي رسمي بنقل هذه المهام إلى دمشق»، مرجّحة أن تكون «قسد منفتحة على مشاركة حكومة دمشق في هذه المهمة، في إطار الجهود الوطنية لمحاربة داعش، ومنع أي نشاط جديد لخلاياه في المنطقة».

وأشارت المصادر إلى أن «السيناريو المطروح حالياً، هو نقل عناصر داعش من الجنسية العراقية مع العوائل الموجودة في المخيمات إلى العراق، ونقل السوريين الذين ينحدرون من مناطق سيطرة الحكومة إلى سجون في حلب ودمشق»، مضيفة أن «عناصر داعش من الأجانب أو المنحدرين من مناطق سيطرة قسد سيبقون في سجون تحميها الأخيرة».

وفي السياق نفسه، كشف القيادي الكردي البارز، بدران جيا كورد، في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، عن «اعتزام وفد من الإدارة الذاتية التوجه قريباً إلى دمشق لاستكمال المحادثات مع السلطة الانتقالية»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن التنازل عن مطلب التعددية اللامركزية في إدارة النظام السياسي في سوريا». وأكّد جيا كورد أن «سوريا لامركزية تعددية ديمقراطية هي الحل الأمثل لجميع القضايا العالقة راهناً»، معرباً عن اعتقاده بأنه «لا يمكن إدارة فسيفساء المجتمع السوري بنظام سياسي يحتكر جميع الصلاحيات ولا يعترف بخصوصية المناطق والمكوّنات». وأضاف أن «هذا الطرح سيكون من القضايا الأساسية للتفاوض، ولا يمكن التنازل عنه».

وعلى الرغم من التباينات القائمة، أشار جيا كورد إلى أن «حوارنا مستمر مع الحكومة السورية المؤقتة»، موضحاً أنه يطاول «ملفات صعبة ومعقّدة»، ويتطلب «مدّ المزيد من جسور الثقة بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى». وشدّد على أن «التفكير المركزي لإدارة القضايا (العالقة) من دون قبول شراكة حقيقية وتوزيع الأدوار والصلاحيات بين المركز والمناطق، يجعل من المفاوضات عملية صعبة وتسير ببطء».

من جهته، كشف مصدر كردي، في حديثه إلى «الأخبار»، أن وفداً من «الإدارة الذاتية» يضم ممثلين عن أحزاب كردية خارج إطار الأخيرة، سيزور دمشق يومَي الأربعاء والخميس، بهدف تحريك الجمود الحاصل في المفاوضات، كاشفاً أن «قسد طرحت تبادل دفعة جديدة من الأسرى بين الطرفين، ضمن إجراءات بناء الثقة التي يتم العمل عليها، لاستكمال النقاش في بقية القضايا».

ورأى المصدر أن «الملف الإنساني هو ملف مناسب لتعزيز إجراءات الثقة»، معتبراً أن «النقاش الأهم الذي يجب التوافق عليه هو فتح طريق M4، وعودة أهالي عفرين ورأس العين وتل أبيض المهجّرين إلى مدنهم وبلداتهم من دون أي مشاكل، وإخراج كل الفصائل التي تحتل منازلهم بالقوة». ولفت إلى أن «قسد لا تمانع تسليم حقول النفط والغاز وحتى الشراكة في إدارة المخيمات والسجون»، مضيفاً أن «هذه الأمور تأتي بعد تجاوز اختبارات الثقة على أساس الشراكة الوطنية في إدارة البلاد، وضمن حدود وحدتها الوطنية والجغرافية».

مشاركة المقال: