نفى قائد ميليشيا "الدفاع الوطني" سابقًا، فادي صقر، تورطه في "مجزرة التضامن"، مؤكدًا أنه تم تعيينه قائدًا للميليشيا بعد وقوع المجزرة. جاء هذا التصريح ردًا على الجدل الذي أثارته تصريحات حسن صوفان، عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي، حول دور صقر وإبقائه خارج إطار العدالة رغم اتهامه بارتكاب جرائم قتل بحق المدنيين.
وفي تصريح لصحيفة "نيويورك تايمز"، صرح صقر بأنه عُيّن قائدًا لـ"الدفاع الوطني" بعد مجزرة التضامن، وأنه لم يحصل على أي عفو من الحكومة. "الدفاع الوطني" هي قوات مسلحة رديفة لجيش النظام، تضم مقاتلين محليين، وشاركت في عمليات اقتحام المدن والقرى.
وأضاف صقر: "كانت الدولة واضحة معي منذ البداية، ولو كان لدى وزارة الداخلية أي دليل ضدي، لما كنت أعمل معهم اليوم". وأبدى استعداده للخضوع للقضاء، قائلًا: "سأخضع نفسي لأي قرار قضائي، وفقًا للإجراءات القانونية السليمة".
ويرى صقر أن خلفيته كـ"علوي" وقائد ميليشيا تابعة للنظام، تمنحه المصداقية لإقناع مؤيدي النظام السابق بعدم التخلي عن الحكومة السورية الجديدة. وتساءل: "هل سيقبلهم جمهور الثورة شركاء في الوطن؟"، معتبرًا أن "اسم فادي صقر هو اختبار لمدى إمكانية التعايش بين طرفي الصراع".
من هو فادي صقر؟
شغل فادي صقر قيادة "الدفاع الوطني" في التضامن ثم في دمشق، وفق "مؤسسة الذاكرة السورية". مجزرة "التضامن" كشف عنها تحقيق لصحيفة "الجارديان" في نيسان 2022، وأظهر أن قوات النظام السوري ارتكبت مجزرة في حي التضامن بدمشق في 16 نيسان 2013، أسفرت عن مقتل نحو 41 شخصًا ودفنهم في مقبرة جماعية. تزامن تولي صقر قيادة "الدفاع الوطني" في التضامن مع ارتكاب المجزرة، حيث تولى قيادة الميليشيا في عام 2012.
يذكر أن صقر كان مديرًا في "المؤسسة الاستهلاكية في دمشق" بداية الثورة السورية عام 2011، ثم انضم إلى "اللجان الشعبية" ومن ثم إلى "الدفاع الوطني". تسلّم قيادة قطاع التضامن لـ"الدفاع الوطني" ثم عُيّن قائدًا للمنطقة الشمالية لـ"الدفاع الوطني"، ونائبًا لقائد مركز دمشق لـ"الدفاع الوطني"، ثم رئيسًا لمراكز دمشق.
الجدل بشأن فادي صقر
تفاقم الجدل بشأن فادي صقر بعد تصريحات حسن صوفان، عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي، التي أشار فيها إلى أن وجود شخصيات مثل صقر ضمن مسار السلم الأهلي يساعد في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها سوريا. وأضاف: "نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة المقبلة".
وتناول المؤتمر أيضًا قضية الإفراج عن موقوفين كانوا جنودًا وضباطًا في جيش النظام السابق. وأوضح صوفان أن الضباط الذين تم إطلاق سراحهم هم "ضباط عاملون" منذ عام 2021، وسلموا أنفسهم طوعًا عند الحدود العراقية، وأنهم لم يرتكبوا جرائم حرب. وأكد أن "العدالة الانتقالية لا تعني محاسبة كل من خدم النظام السابق، والمحاسبة هي لكبار المجرمين الذين نفذوا جرائم وانتهاكات جسيمة".
وأشار صوفان إلى أن هذه الإجراءات ليست بديلًا عن العدالة الانتقالية التي بدأت بالفعل، وهي مهمة اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شُكّلت بمرسوم رئاسي، موضحًا أن الإفراج عن هؤلاء الضباط هو جزء من إجراءات السلم الأهلي التي تساعد على تهدئة التوتر المجتمعي.
مجزرة التضامن
في 27 نيسان 2022، كشف تحقيق لصحيفة "الجارديان" معلومات حول مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري في 16 نيسان 2013، في حي التضامن بدمشق، أسفرت عن مقتل نحو 41 شخصًا ودفنهم في مقبرة جماعية. تم ذلك من خلال عرض مقطع مصوّر يوثّق إطلاق الرصاص على عشرات الأشخاص ودفنهم في مقبرة جماعية، ثم حرق جثثهم من قبل عناصر النظام السوري.
واستند التحقيق إلى وثائق وشهادات قدّمها الباحثان أنصار شحود والبروفيسور أوغور أوميت أنجور، من مركز "الهولوكوست والإبادة الجماعية" بجامعة "أمستردام"، نقلًا عن عسكري سابق في قوات النظام استطاع الحصول على المقطع. واعتبر مراسل الصحيفة أن المقطع هو أول وثيقة تدين النظام بشكل صريح لا يمكن الالتفاف عليه، إذ إنه أول مقطع يوثّق ضلوع المخابرات السورية المرتبطة بشكل مباشر بالنظام السوري.