الإثنين, 9 يونيو 2025 01:00 PM

"بوليفارد النصر" في حمص: مشروع إعمار يثير مخاوف من التهجير وتغيير الهوية العمرانية

"بوليفارد النصر" في حمص: مشروع إعمار يثير مخاوف من التهجير وتغيير الهوية العمرانية

أثارت لوحات إعلانية ضخمة ظهرت مؤخراً في شوارع حمص جدلاً واسعاً حول مشروع عقاري جديد يحمل اسم «بوليفارد النصر»، تروّج له شركة «العمران للتطوير العقاري»- وهي شركة كويتية مساهمة مقفلة تأسست عام 2006 ويملكها رجل الأعمال السوري رفـاعي الحمادي. ويرى مؤيّدو المشروع أنه خطوة منتظرة نحو إعادة إعمار المدينة وتنشيط اقتصادها، فيما يخشى معارضوه أن يُعيد سيناريوهات سابقة من محو الطابع العمراني والثقافي لحمص وتهجير أهلها الأصليين، على غرار مخطّطات بدأها النظام في ثمانينيات القرن الماضي وبلغت ذروتها سنة 2005 بمشروع «حلم حمص» الذي أطلقه المحافظ إياد غزال. حتى الآن، لم تُصدر «العمران» أو الجهات الرسمية أي توضيحات تفصيلية أو عقود معلَنة تتعلّق بالمشروع؛ فالمعلومات المتداوَلة تقتصر على اللوحات الطرقية وأحاديث في وسائل التواصل الاجتماعي عن المساحة والموقع والمرافق المرتقبة، مع وعود بعقد مؤتمر صحفي لاحقاً للكشف عن التفاصيل.

عودة إلى جذور الاعتراض

في ثمانينيات القرن الماضي وُضِعت يد الدولة على بساتين حي القرابيص الممتدة من الكورنيش حتى عاصي الميماس بحجة إنشاء «حديقة الشعب». خلال التسعينيات فُرضت قيود تمنع بيع تلك الأراضي، إلى أن استُملِكت فعليّاً مطلع الألفية الجديدة. احتجاجات المالكين أمام مبنى المحافظة قوبلت بوصفهم بـ«الزعران» في مقابلة إذاعية للمحافظ غزال، قبل أن يتجمّعوا قرب منزل بشار الأسد بدمشق، حيث حوّل رئيس الوزراء آنذاك ناجي عطري القضية إلى «دراسة إسكان» من دون إلغاء الاستملاك. الناشط محمد وائل حاكمي حذّر من أن «بوليفارد النصر» سيُقام فوق تلك البساتين نفسها، معتبراً أن الواجب كان إعادة الحقوق إلى أهلها. كما انتقد ناشطون تركيز المشروع على الأحياء السليمة في قلب حمص بدل المناطق المدمَّرة.

أصوات متفائلة مع التحفّظ

الأكاديمية والناشطة المقيمة في بريطانيا الدكتورة ريم تركماني نقلت تفاؤلاً حذِراً عبّر عنه بعض الحماصنة، مشيرةً إلى الحديث عن «ترتيبات عادلة» لتعويض المالكين ومنحهم خيارات متعددة. لكنها شدّدت على ضرورة وجود آليات رقابة وتمثيل مباشر لأصحاب المصالح، فهذه – بحسب وصفها – «بيوتهم وشقى عمرهم». إلى أن تتّضح بنود المشروع رسمياً، يبقى الجدل محتدماً بين آمال الإعمار ومخاوف الإقصاء، في مدينة لم تَبرأ بعد من تبعات عقودٍ من الاستملاك والصراع.

مشاركة المقال: