شهدت مدينة حمص يوم الإثنين الفائت انعقاد نشاط مجتمعي حمل عنوان "اللقاء التشاوري السياسي"، جمع نخبة من المثقفين، والناشطين في مجالات الثقافة والسياسة والسلم الأهلي، إلى جانب ممثلين عن القطاع التجاري.
اللقاء، الذي حضره سناك سوري، كان من المزمع أن يُعقد تحت اسم "اللقاء الفكري الثقافي الأول"، إلا أن تسميته تغيّرت لتصبح "اللقاء التشاوري السياسي" نتيجة لرعاية مديرية الشؤون السياسية في المدينة، التي رأت أن العنوان الجديد ينسجم أكثر مع الهدف العام للفعالية.
مسؤول العلاقات العامة في المديرية "جمعان العمير"، أوضح لـ"سناك سوري" أن الهدف من اللقاء هو «فتح قنوات التواصل مع مختلف أطياف المجتمع، من خلال التشاور مع النخب السياسية والثقافية والاجتماعية»، مضيفاً أن هذه النخب «هي الأساس في بناء أي مجتمع سليم وتعتبر صلة الوصل بين السلطة والمجتمع، وتقع عليها مسؤولية بناء الإنسان مجددا في زمن قياسي قليل نسبيا، وإعادة تشكيل الهوية الإنسانية السورية بعدما تم سلبها وتدميرها من قبل السلطة البائدة على مدار العقود الماضية».
اللافت في اللقاء كان المشاركة النسائية الملحوظة، ليس فقط على صعيد المشاركة بل من حيث نوعية الطروحات وحدتها، وشددت "لمى طباع"، إحدى المشاركات، على أن «الفكر والثقافة لا ينفصلان عن السياسة، التي باتت خبزنا اليومي»، مؤكدة على أن المطلوب اليوم هو الحوار والتفاعل المجتمعي للوصول إلى التعايش الأهلي، خاصة في بيئات متعددة الخلفيات.
ودعت إلى تقارب تدريجي بين الأطراف المختلفة، وصولا إلى طاولة حوار جادة، واعتبرت أن «الثقافة والفن لهما دور أساسي في بناء المجتمع، بشرط احترام الحريات الفردية وممارستها دون وصاية واحترامها من قبل كل الأطراف».
من جانبها، رأت المتطوعة الشابة "عتاب شاهين" أن اللقاء كان "فرصة جيدة ومثمرة"، وقالت: «اللقاء جيد ومثمر بتنوع مشارب المشاركين، بكونه فرصة لدمج مع الفئات الأكبر سنا»، متمنية زيادة الحضور الشبابي مستقبلا، «لكون مرحلة البناء والتعافي تحتاج لمشاركة الشباب والشابات فيها».
أما الناشط في مجال المجتمع المدني "علاء إبراهيم"، وهو أحد منسقي اللقاء، فقال في تصريح لـ"سناك سوري" إن المشاركين مثلوا مختلف الشرائح المجتمعية ومن كل المشارب الفكرية والثقافية والسياسية.
وأضاف أن هذه الجلسة خُصصت للتعارف وفتح النقاش حول قضايا مجتمعية عامة، تمهيداً لوضع برنامج عمل يُبنى على أولويات يحددها المشاركون أنفسهم، ثم مناقشتها بشكل معمق في لقاءات لاحقة ستعقد في المدينة كما في الريف.
وهكذا لم يعد الحديث في السياسة من المحرمات، ولا حكراً على اجتماعات مغلقة تحت سقف الشعارات الحزبية الخشبية، بل بات جزءا من الحراك المجتمعي الذي بدأ يستعيد صوته بعد سنوات طويلة من الخوف والصمت المفروض، هذا التحرر من قيود الترهيب لا يعني بالضرورة أن الطريق بات ممهداً، لكنه يشير بوضوح إلى أن المجتمع السوري بدأ يستعيد زمام المبادرة، وأن الحوار بات ممكنا حين تتوفر الإرادة والمساحة الآمنة للنقاش.