أبلغت «مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» (UNHCR) وزارة الصحة اللبنانية بأنها ستوقف التغطية الاستشفائية للنازحين السوريين المقيمين في لبنان، والدعم المُقدّم لمختلف مراكز الرعاية الصحية الأولية، ابتداءً من تشرين الثاني المقبل.
القرار لم يكن مفاجئاً للوزارة، إذ بدأت المفوّضية منذ فترة بالتمهيد له عبر ترشيد التقديمات، ولا سيما المتعلقة ببرنامج الصحة، الذي حصر التغطية الاستشفائية بحالات الرعاية الطارئة الحادّة والمُنقذة للحياة.
بدأت سياسة الغربلة في عام 2023، مع توالي القرارات التي تسحب التغطية من تحت النازحين، لينخفض عدد المستفيدين من 60353 مريضاً إلى 44796 في عام 2024، وصولًا إلى صفر إحالة مع بداية العام الجديد. وتُبرّر المفوّضية هذا القرار باستحالة تأمين التمويل اللازم بعد الانخفاض الكبير والسريع لتمويل المنظمة.
بهذا القرار، تفكّ المفوّضية ارتباطها بالنازحين السوريين، مُورِّثةً أعباءهم للدولة اللبنانية، مع صعوبة تأمين التمويل السنوي اللازم لتغطية نفقات الصحة، التي كانت تراوح بين 18 و20 مليون دولار أميركي سنوياً. واعتبر وزير الصحة، ركان ناصر الدين، الأمر غير مقبول، مُحمّلاً وفدَ المُفوّضية رسالةً مفادها أن هذا الأمر "غير مقبول".
أكّد ناصر الدين أنه "من غير الممكن وضع الدولة اللبنانية تحت الأمر الواقع، خصوصاً في ظلّ موجة نزوح لا تتوقف، وإنما كان يجب أن يكون القرار تدريجياً".
أعاد ناصر الدين طرح القضية في جلسة مجلس الوزراء، معتبراً أن هذا القرار الذي بدأ بالصحّة، سيُكمل نحو برامج أخرى في وزارات أخرى، وهو "ما سيُرتِّب تالياً أعباءً على كل الوزارات".
يبقى أن لهذا القرار تداعيات مباشرة على القطاع الصحي اللبناني غير القادر أصلاً على تأمين التغطية للمواطنين اللبنانيين، ما يهدد بكارثة حقيقية مع وجود أكثر من مليون نازح سوري.
رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب بلال عبدالله، اعترض على القرار، معتبراً أنه "يتعاطى مع قضية النازحين السوريين كقضية منفصلة"، فيما ملف النازحين هو ملف كامل "مرتبط عضوياً بعضه ببعض".
أسوأ ما في هذا الأمر هو الضغط على لبنان من باب إخراج النازحين السوريين من أي رعاية دولية، ولو على صعيد الصحة، وهو أمر "غير مقبول من الناحية الإنسانية أولاً، ولما يمكن أن يتسبب به ثانياً من انتشار الأمراض والأوبئة في المحيط المُضيف".