في تلاقٍ عجيبٍ بين الزمن والقدر، تحلُّ علينا جمعة مباركة وقد تزيّنت بنور العشر الأوائل من ذي الحجة، أيامٍ أقسم الله بها لعِظم شأنها. فكيف لا تُعظَّم وقد قال النبي ﷺ عنها: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام؟ وما الجمعةُ إلا سيّدة الأيام، فيها خُلق آدم، وفيها تقوم الساعة وفيها ساعة لا يُوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه.
فكيف إذا اجتمع فضلُ الجمعة مع بركة هذه العشر التي هي موسم تربيةٍ للنفس وتذكير بالمآل؟ أيامٌ تذكّرنا بأن الحياة مزرعة، وأن الأضاحي ليست لحوماً تُقدّم بل رمزية لفداء النفس من شهواتها، ولتجديد العهد مع ربٍ كريمٍ قال: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ.
فلتكن هذه الأيام وقفة مع الذات، وموسماً للعودة الصادقة، ولنُشعل في قلوبنا نور الذكر، ونهرع إلى باب المغفرة، ونستعد لاستقبال العيد بقلوب مطمئنة وأرواح متطهّرة. جمعة مباركة وعشر مباركة وعيد أضحى تملؤه السكينة والرضا.