على الرغم من الانخفاض الطفيف في أسعار بعض المواد الغذائية والخضروات مؤخرًا، إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس بشكل ملموس على حياة السوريين. لا تزال غالبية الأسر تواجه صعوبة في توفير الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية الأساسية، وذلك بسبب ثبات الأجور وتدهور القدرة الشرائية.
سناك سوري-خاص
لنفترض أن عائلة سورية متوسطة تتكون من 5 أفراد. هذه العائلة تحتاج يوميًا إلى ربع كيلو لبنة بسعر 5000 ليرة، وصحن زعتر وزيت بتكلفة 5000 ليرة، و5 بيضات بسعر 5000 ليرة، ونصف ربطة خبز بسعر 2000 ليرة. هذا يعني أن تكلفة وجبة الإفطار تصل إلى 17 ألف ليرة.
إذا اعتمدت العائلة على نوع من الخضروات الموسمية الرخيصة نسبيًا مثل الفاصوليا، فإن وجبة الغداء ستكلفها حوالي 30 ألف ليرة، موزعة على كيلو فاصوليا بسعر 8000 ليرة، وكيلو بندورة بسعر 6000 ليرة، وثوم وزيت للطهي بنحو 4000 ليرة، بالإضافة إلى كيلو أرز بسعر 9000 ليرة، وشعيرية بـ 2000 ليرة وسمنة بـ 1000 ليرة.
أما وجبة العشاء، فإذا اقتصرت على 5 سندويشات فلافل، فإنها ستكلف حوالي 12 ألف ليرة، موزعة على 5000 ليرة للفلافل (3 أقراص لكل شخص)، ونصف كيلو بندورة بـ 3000 ليرة، ونصف كيلو خيار بـ 2000 ليرة، بالإضافة إلى نصف ربطة خبز بـ 2000 ليرة.
بناءً على هذه الحسابات، تبلغ التكلفة الأساسية لتغذية عائلة واحدة، بدون لحوم أو أي مواد غذائية إضافية، حوالي 59 ألف ليرة يوميًا، أي ما يعادل مليون و770 ألف ليرة شهريًا. وإذا أضفنا إليها 130 ألف ليرة ثمن أسطوانة الغاز، فإن التكلفة الإجمالية تصل إلى مليون و900 ألف ليرة شهريًا. في المقابل، لم تشهد الرواتب أي تغيير يذكر، وحتى إذا زادت بنسبة 400%، فإن الراتب سيصل إلى حوالي مليون و400 ألف ليرة في المتوسط، وهو مبلغ غير كاف لتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية.
أي أنه حتى مع تحسينات كبيرة على الرواتب، ستظل الفجوة بين الدخل وتكاليف المعيشة الأساسية قائمة، مما يعني أن ثلاجة المواطن ستظل فارغة أكثر مما هي ممتلئة.
يتضح من هذا الحساب البسيط أن تأمين طعام يومي متواضع لعائلة سورية متوسطة، بدون اللحوم أو أي شكل من أشكال الرفاهية الغذائية، يتجاوز بكثير متوسط الرواتب الحالية، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وعلى الرغم من الانخفاض النسبي في أسعار بعض المواد، إلا أن غياب التوازن بين الدخل وتكاليف المعيشة يجعل هذا الانخفاض بلا تأثير حقيقي. لا تزال الأسرة السورية عالقة في معادلة صعبة، حيث تبدو الأرقام معقولة على الورق، لكنها لا تترجم إلى وجبة كافية على المائدة.
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن حوالي 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن أكثر من ربع السكان يعيشون في فقر مدقع، أي بأقل من 1.25 دولار في اليوم. بينما حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" من أن الجفاف الشديد في سوريا هذا العام قد يؤدي إلى فشل 75% من محاصيل القمح ويهدد ملايين الأشخاص.