الأربعاء, 28 مايو 2025 11:27 PM

سوريا بين مطرقة الديون الروسية والإيرانية وسندان إعادة الإعمار: هل تنجح دمشق في التخلص من تركة النظام السابق؟

سوريا بين مطرقة الديون الروسية والإيرانية وسندان إعادة الإعمار: هل تنجح دمشق في التخلص من تركة النظام السابق؟

كشفت صحيفة "الشرق الأوسط" عن وجود مباحثات بين دمشق وموسكو، تجري منذ شهر آذار الماضي، بشأن الديون المستحقة للحكومة الروسية والمقدرة بين 20 و23 مليار دولار. كما كشفت أيضاً بأن إيران تطالب بسداد ديونها على النظام السابق والتي تقول بأنها تبلغ نحو 30 مليار دولار.

وأفادت الصحيفة أنه في خضم محاولات الحكومة الجديدة إعادة بناء الاقتصاد السوري المنهك، يبرز ملف الديون السيادية الضخمة، باعتباره من القضايا التي يتعين التعامل معها، مشيرة إلى أن التساؤل الأكبر اليوم، هل يمكن للحكومة السورية الجديدة أن ترفض سداد هذه الديون، بحجة أن الأموال، بشكل مباشر أو غير مباشر، كانت تُستخدم في محاولة قمع الثورة التي فرضت كلمتها في النهاية؟

وأشارت الصحيفة إلى تقرير لوكالة "رويترز" حاورت فيه قانونيين مختصين بمسألة الديون السيادية، وهما، لي سي بوشيت، أستاذ فخري في كلية الحقوق بجامعة إدنبره، وميتو غولاتي، أستاذ في كلية الحقوق بجامعة فرجينيا. وأشار الخبيران إلى أن مسألة خلافة الحكومات، أو تعاقبها، من أشد القواعد صرامة في القانون الدولي. إذ يُفترض أن ترث الحكومات الجديدة في أي دولة الحقوق والالتزامات التي خلفتها الإدارات السابقة، بغض النظر عن اختلاف الأيديولوجيات السياسية فيما بينها، فالالتزامُ بسداد الديون التي تكبدتها تلك الأنظمة السابقة التزام مطلقٌ، أو يكاد يكون كذلك. سواءً كان البلاشفة قد استبدلوا القيصر في روسيا عام 1917، أو كورازون أكينو أطاحت بـفرديناند ماركوس في الفلبين عام 1986، أو ترمب حلّ محل جو بايدن عام 2025، فإن المبدأ القائم يظل واحداً: كل حكومة جديدة ترث التزامات السابقة، حتى لو اعتبرتها فاسدة، أو غير مدروسة.

ورغم ذلك، يقول الخبيران، هناك نمط واحد من الديون يتفق معظم الناس على أنه لا ينبغي أن يُلزم الحكومة الجديدة، وهو ما يعرف بـ "ديون الحرب". ويتمثل السيناريو الكلاسيكي هنا في أن ثواراً يقاتلون النظام الحاكم من أجل فرض السيطرة على البلاد، والنظام يقترض المال لشراء الأسلحة، وقمعهم. إذا انتصر الثوار، فهل من المنطقي أن يُجبروا على سداد تلك الأموال التي استُخدمت في الأساس لمحاربتهم، وإقصائهم عن الحكم؟

في هذا الصدد، ثمة سوابق تاريخية: عام 1883، رفضت الحكومة المكسيكية سداد ديون كان قد اقترضها الإمبراطور ماكسيميليان من هابسبورغ، في خضم محاولته التشبث بالسلطة. وبعد اشتعال حرب البوير عام 1899، اتخذت بريطانيا موقفاً مفاده بأنها ستعترف فقط بالديون التي تكبدتها حكومة جنوب أفريقيا قبل بداية الحرب، وليس بعدها. أما الحجة التي ساقتها لتبرير ذلك، فكان هنا أن الطرف المنتصر في حرب ما ليس ملزماً بسداد الديون التي تكبدها الطرف المهزوم بعد بدء القتال. وفي السبعينات، رفضت كمبوديا سداد ديون للولايات المتحدة تعود إلى عامي 1974 - 1975، حين كان نظام لون نول، المدعوم من واشنطن، يقاتل في حرب أهلية خسرها أمام الخمير الحمر.

وإذا ما اعتبرنا أن "ديون الحرب" تشكل بالفعل استثناءً قانونياً معترفاً به لمبدأ خلافة الحكومات، فقد تستطيع الحكومة السورية الجديدة استغلال هذا الأساس القانوني، خاصة أن الأسد اقترض أموالاً أثناء القتال.

وخلصت الصحيفة إلى أن تسوية ملف ديون سوريا ستكون عملية معقدة، لكن قد تكون لدى الحكومة الجديدة ورقة رابحة قانونياً في يدها.

مشاركة المقال: