الأحد, 18 مايو 2025 07:54 PM

معاناة عمال حلب الليلية: توقف النقل العام يفاقم الأعباء ويدفعهم للمشي أو المبيت في الورش

معاناة عمال حلب الليلية: توقف النقل العام يفاقم الأعباء ويدفعهم للمشي أو المبيت في الورش

حلب – محمد ديب: مع إغلاق وسائل النقل العام في حلب أبوابها عند منتصف الليل، يواجه عشرات العمال صعوبات جمة في العودة إلى منازلهم، حيث يضطرون للمشي لمسافات طويلة أو المبيت في أماكن عملهم.

غياب الحافلات و"السرافيس" وتوقف خطوط النقل ليلاً يجبر العمال على قطع مسافات قد تتجاوز الساعتين في طرق مظلمة وأحياء تفتقر للخدمات، أو دفع مبالغ طائلة لسيارات الأجرة الخاصة تتراوح بين 10 آلاف و15 ألف ليرة سورية.

المشي.. خيار قاسٍ

يعمل محمد فرح في مقهى قرب قلعة حلب، ويقول إنه أحيانًا لا يملك ما يكفي من المال لدفع أجرة التاكسي، فيضطر للمشي من مكان عمله إلى السكن الجامعي في حي الفرقان. ويضيف أن دخله اليومي لا يتجاوز 50 ألف ليرة سورية، بينما قد تصل أجرة التاكسي إلى 25 ألفًا، متسائلًا عن كيفية تحمل هذه التكلفة.

هذا الخيار، رغم ضرورته، لا يخلو من المخاطر، خاصة في الأحياء المظلمة والطرق الفرعية، وسط مخاوف من السرقة أو الاعتداء. أما صفوان (56 عامًا)، الذي يعمل في محل للمعجنات، فراتبه لا يسمح له بركوب سيارات الأجرة، واعتاد منذ أشهر العودة إلى منزله سيرًا على الأقدام مع زملائه. ويشير إلى أن "السرافيس" لا تتوفر بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، مما يضطره للمشي من حلب الجديدة إلى حي صلاح الدين، وهو أمر يزداد صعوبة في الشتاء.

يؤكد جمعة مرعي، أحد العمال، أن العودة إلى المنزل سيرًا بعد يوم عمل طويل تزيد من الإرهاق وتقلل وقت الراحة، معتبرًا ذلك "صورة يومية من الاستنزاف". ويضيف أن تكلفة النقل أصبحت عبئًا كبيرًا على ميزانيته الشهرية، حيث سيضطر لصرف نصف راتبه إذا استقل التاكسي يوميًا، في حين أن المواصلات العامة متوقفة في وقت انتهاء عمله، وحتى أجرة "السرفيس" تعتبر عبئًا عليه.

مبيت الورشة ولا أجرة العودة

في حالات أخرى، يضطر البعض للنوم داخل الورشة أو المعمل للاستفادة من النقل العام في النهار. هذا المبيت اضطراري، وغالبًا ما يكون في غرف التخزين أو الزوايا الخلفية للورش، دون أسرّة أو مقومات الراحة، لكنه يبقى "أقل كلفة" من المشي أو دفع أجرة التاكسي.

توقف النقل ليلاً يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بضعف الأجور، حيث لا يكفي متوسط دخل العامل لتأمين وسيلة نقل آمنة بعد يوم عمل طويل. ويشير العامل جمعة إلى أنه لا يمانع في ركوب سيارات الأجرة إذا كان دخله اليومي 150 ألف ليرة على سبيل المثال.

وفقًا لرصد "عنب بلدي"، تتراوح أجور التاكسي في حلب بين 15 ألفًا و35 ألف ليرة سورية للرحلة الواحدة، بينما لا يتجاوز متوسط دخل العامل الأسبوعي 400 ألف ليرة.

يقول "أبو فاروق"، وهو عامل في أحد المطاعم، إن وسائل النقل الليلية ليست ترفًا، بل ضرورة لحماية كرامة العامل وضمان استمراره في سوق العمل دون ثمن صحي أو نفسي مضاعف.

العتمة والديزل.. أعذار السائقين

سائق "سرفيس" يعمل على خط حي صلاح الدين يبرر التوقف الليلي بارتفاع سعر المازوت والخطر الناتج عن العتمة. ويضيف أنه في حال عدم وجود ركاب في طريق العودة، يتكبد السائقون خسائر مالية، لذا ينهي معظمهم عملهم قبل منتصف الليل لتجنب الخسائر والمشكلات.

في المقابل، تؤمن بعض المعامل والمطاعم وسائل نقل خاصة لموظفيها بعد انتهاء الدوام الليلي أو الصباحي، غالبًا عبر سيارات صغيرة توصلهم إلى أقرب نقطة سكنية.

يطالب العمال بتمديد ساعات عمل النقل العام إلى ما بعد منتصف الليل، أو تخصيص خطوط خاصة بالورديات الليلية، خاصة في الأحياء الصناعية والمناطق البعيدة. ويقترح البعض تفعيل نظام نقل جماعي تشرف عليه البلديات أو النقابات، بأجور رمزية لخدمة العمال والمياومين.

مشاركة المقال: