الخميس, 15 مايو 2025 09:07 PM

حل حزب العمال الكردستاني: هل يفتح الباب أمام السلام في سوريا والمنطقة؟

حل حزب العمال الكردستاني: هل يفتح الباب أمام السلام في سوريا والمنطقة؟

نالين علي/ فتاح عيسى – القامشلي/ كوباني

أثار قرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه ونزع السلاح ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية المحلية والإقليمية، حيث أجمعت الآراء على أن لهذا القرار آثاراً إيجابية تتجاوز القضية الكردية لتشمل سوريا، العراق، تركيا، وحتى الشرق الأوسط بشكل عام. والاثنين الفائت، أصدر حزب العمال الكردستاني، البيان الختامي لمؤتمره الثاني عشر والذي عقد في الفترة الممتدة بين 5 -7 أيار/ مايو الجاري، وجاء ضمن قرارات المؤتمر، حلّ الهيكلية التنظيمية للحزب وإنهاء الكفاح المسلح.

“خطوة إيجابية للسلام الإقليمي”

تقول كلستان علي، نائب الرئاسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، إن “قرار حزب العمال الكردستاني لا ينعكس فقط على الشعب الكردي، بل ستكون له آثار إيجابية للسلام الإقليمي وعلى عموم المنطقة”. وتضيف “علي” لنورث برس، أن “الحرب التي دامت لأكثر من 40 عاماً وراح ضحيتها الآلاف من الشهداء كانت من أجل قضية عادلة”، مشيرة إلى أن “هذه المبادرة التي بدأت منذ شباط/ فبراير الماضي أظهرت آثاراً ملموسة على أرض الواقع”. وتشير إلى أن هذه المبادرة ليست جديدة بالنسبة للزعيم الكردي عبد الله أوجلان، الذي سبق أن أطلق مبادرات عديدة للسلام منذ التسعينيات، لكنها قوبلت برفض من الجانب التركي آنذاك، معتبرة أن التغيرات الاستراتيجية في سياسة الدولة التركية مؤخراً، ولا سيما المتعلقة برسم الخرائط الجيوسياسية للمنطقة، قد تمهد لقبول أكبر بهذه الخطوة.

وتشدد “علي” أن إعلان الحزب لحل نفسه سينعكس بشكل إيجابي على مناطق شمال شرق سوريا، حيث “لن يكون لتركيا أي حجة جديدة لشن هجوم على مناطقنا”. مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تكون “مفتاح الحل للقضية الكردية في الأجزاء الأربعة، وللسلام في الشرق الأوسط والعالم أجمع”. من جهته، يصف عبد الإله المصطفى، مدير مركز “الفرات” للدراسات، قرار حل حزب العمال الكردستاني بأنه “تاريخي وجريء”، وسيكون له تداعيات كبيرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، بما يخص القضية الكردية.

ويقول “المصطفى” لنورث برس، إن القرار سينشط النضال السياسي في المناطق الكردية بتركيا، ويوفر فرصاً جديدة أمام حزب المساواة وديمقراطية الشعوب “دم بارتي” للعمل السياسي. أما على صعيد سوريا، يرى الباحث الكردي أن المنطقة ستشهد تغيّرات جذرية وبناء دولة بمؤسسات ودستور ونظام إداري وسياسي جديد”. كما يشير إلى أن دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، حسب الاتفاق بين الجنرال مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع، هو “الطريق الوحيد للوصول إلى حلول مستدامة”، معتبراً إياه خطوة مهمة رغم التحديات المتوقعة.

ويضيف أن “قرار حل الحزب، المتزامن مع انعقاد كونفرانس وحدة الموقف الكردي، سيمنح زخماً معنوياً ودستورياً للقضية الكردية، ويفتح المجال لمناقشة قضايا سوريا بعمق، وخاصة القضية الكردية والبحث عن حلول دائمة لها”، على حد تعبيره.

تخفيف الضغوط التركية على سوريا

في السياق نفسه، يقول عمر يوسف، عضو الهيئة الاستشارية في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، إن مبادرات السلام التي أطلقها عبد الله أوجلان لم تكن جديدة، لكن هذه المرة قد تكون مختلفة نظراً لحاجة تركيا الملحة للتغيير. ويضيف أن “القضية الكردية كانت تشكل عائقاً أمام المشروع الديمقراطي التركي”، وأن نجاح هذه المبادرة سيساهم في فتح الباب أمام “الديمقراطية والتعددية” في تركيا.

ويشير إلى أن حل الحزب “سيساهم في تحسين صورة الكرد دولياً، بعد أن كانت بعض الدول تتردد في دعمهم بسبب تصنيف الحزب على قائمة الإرهاب”، مضيفاً أن “الفرصة التاريخية الحالية لصالح الكرد، وقد تساهم في تخفيف الضغوط التركية على الحكومة السورية الجديدة وتسهيل التفاهمات مع الكرد في سوريا”. فيما يقول عصمت إبراهيم، عضو المكتب السياسي للحزب اليساري الكردي في سوريا، إن “الكرة الآن في ملعب الدولة التركية”، مشدداً على ضرورة استجابة تركيا لاتفاق عبدي – الشرع، ودعمها لاستقرار سوريا.

وفي العاشر من آذار/ مارس الفائت، تم عقد اتفاق في دمشق بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع وقائد قسد الجنرال مظلوم عبدي، يقضي بدمج المؤسسات العسكرية والمدنية شمال شرقي سوريا في الدولة السورية. كما يدعو القيادي في “اليساري الكردي” أنقرة إلى سحب قواتها من شمال العراق وشمالي سوريا، مشيراً إلى أن عملية السلام “قد تؤدي إلى استعادة مناطق مثل عفرين وسري كانيه وتل أبيض إلى سيطرة الإدارة الذاتية”.

وخلال الاعوام الماضية سيطرت تركيا على مناطق واسعة من الشمال السوري، ابتداءً من مناطق بريف حلب إلى عفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض ومنبج مؤخراً”. ويضيف “إبراهيم” أن تركيا “تملك نفوذاً كبيراً في العلاقات السورية الخارجية”، ويمكنها أن تساهم في إنجاح الاتفاقات المطروحة، خاصة بعد دعوة وزير الخارجية التركي لنظيره السوري إلى أنقرة. من جهته، يقول كيلو عيسى، عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكردي السوري، إن حزب العمال حمل السلاح “من أجل الحقوق المشروعة، وليس لمجرد القتال”، مشيراً إلى أن “الوصول إلى حل سياسي في تركيا سيكون له تأثير مباشر على سوريا وروج آفا”.

ويضيف أن “تركيا كانت تضغط على الشرع للتهرب من بعض الاتفاقيات”، لكن مع هذه المبادرة، من المرجح أن تخف تلك الضغوط، مشدداً بأن الوصول إلى حل سياسي للقضية الكردية في تركيا سيفتح حواراً إيجابياً بين الكرد والحكومتين السورية والتركية. ويرى مراقبون أن مبادرة السلام وحل حزب العمال الكردستاني تمثل فرصة نادرة لإحداث تحول سياسي كبير، ليس فقط في تركيا، بل في سوريا والمنطقة ككل. وأجمعوا على أن استثمار هذه الفرصة من قبل جميع الأطراف – وخاصة تركيا – سيؤدي إلى تحقيق استقرار سياسي وسلمي طال انتظاره.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: