تصاعدت التوترات بين الهند وباكستان بعد الهجوم الدامي على السياح في كشمير، حيث قتل مسلحون عشرات المدنيين في الجزء الذي تسيطر عليه الهند من الإقليم، في أعنف هجوم تشهده تلك المنطقة منذ سنوات، وردت نيودلهي في الساعات الماضية بقصف مواقع وصفتها بأنها «معسكرات إرهابية» في باكستان، ما ينذر بمزيد من التصعيد.
وسلطت وكالة «بلومبرغ» للأنباء الضوء على ما تملكه الهند وباكستان من ترسانة عسكرية ونووية. ولفتت إلى أن الهند تمتلك جيشاً أكبر وتنفق عليه أكثر من باكستان، لكن الطبيعة الجغرافية الوعرة لإقليم كشمير المتنازع عليه تحد من الخيارات العسكرية لكلا الجانبين، كما يتعين على الهند الدفاع عن حدودها مع الصين.
وتزداد المخاطر نظراً إلى الترسانات النووية التي يمتلكها البلدان، حيث يعمل الجانبان على تحسين أنظمة إطلاق الرؤوس الحربية، وتحافظ الهند على سياسة «عدم بدء الاستخدام»، بينما تحتفظ باكستان بـ«حق بدء استخدام الأسلحة النووية».
ومع تصاعد التوترات والفعل ورد الفعل على خلفية الهجوم على السياح في كشمير، يتجه التركيز الآن إلى ما إذا كان الصراع العسكري المفتوح محتملاً بين الجارتين النوويتين.
وعلى الرغم من أن المسؤولين لا يتوقعون حدوث صراع واسع النطاق؛ ويعود ذلك جزئياً إلى وعورة تضاريس كشمير الجبلية، فإن حكومة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، تعرضت لضغوط للرد.
وتدهورت العلاقات بسرعة منذ الهجوم، حيث وصفت الهند الحادث بأنه عمل إرهابي وحمّلت باكستان المسؤولية.
وتنفي إسلام آباد أي دور لها، وتعهدت بالرد على أي نيران من الجانب الهندي من الحدود.
وتدخلت الولايات المتحدة، في محاولة للتوسط بين البلدين، اللذين يدعيان سيادتهما على كشمير وخاضا حروباً على تلك المنطقة.
ووفقاً لبيانات جمعها «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، فإن الهند تمتلك جيشاً أكبر بكثير في حال تصاعد الصراع أكثر، حيث يبلغ تعداد قواتها المسلحة مليوناً و475 ألف فرد، أي أكثر من ضعف عديد قوات باكستان.
وخصصت الهند أموالاً أكبر بكثير لجيشها بنحو 86 مليار دولار العام الماضي، وهذا يضعها بين أكبر 5 دول إنفاقاً عسكرياً على مستوى العالم، بميزانية تفوق ميزانية باكستان العسكرية بـ8 مرات.
ومع ذلك، فإن طبيعة كشمير الجغرافية الوعرة تحدّ من الخيارات العسكرية لكلا الجانبين. وتنشر الهند بالفعل جزءاً كبيراً من قواتها المسلحة للدفاع عن حدودها الشمالية الطويلة مع الصين، التي دخلت أيضاً في صدام مع نيودلهي بشأن أراضٍ متنازع عليها في جبال الهيمالايا.
وفي المقابل، ركزت باكستان بشكل أكبر على حدودها مع أفغانستان، حيث يعبر المسلحون الحدود لشن هجمات.
ويُعدّ تعزيز موارد الطائرات المسيّرة والمراقبة أولويةً لكلا البلدين.
وقال هارش بانت، نائب رئيس «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، وهي مؤسسة فكرية في نيودلهي: «بالنسبة إلى الهند، يُعدّ صد كلٍّ من الصين وباكستان، اللتين تعملان معاً، أحياناً تحدياً آخر للجيش الهندي الأكبر حجماً، لكنه كذلك يواجه تحديات استراتيجية تتمثل في الدفاع عن (حدودين)».
يمتلك كلٌّ من البلدين نحو 170 رأساً نووياً، وفقاً لتقييم صادر عن «جمعية الحد من التسلح».
وبالنسبة إلى باكستان، فالترسانة النووية وسيلةً لردع الهند، ذات الاقتصاد الأكبر بكثير.
وبينما لا تزال الدولتان منشغلتين بإنتاج المواد الانشطارية، فإنهما في سباقٍ لتطوير أنظمة إطلاق الرؤوس الحربية التي تشمل صواريخ لضربات بعيدة المدى في عمق أراضي العدو.
وتتمسك الهند بسياسة «عدم بدء استخدام الأسلحة النووية»، وليست لديها أي قدرة مُعلنة على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، وهي أسلحة منخفضة القوة.
مع ذلك، طورت باكستان سلاحاً نووياً تكتيكياً، وهو صاروخ «نصر» الباليستي بمدى يبلغ نحو 70 كيلومتراً (43 ميلاً) كما تحتفظ بـ«حق بدء استخدامه».
يسعى كلا البلدين إلى إنشاء بنية تحتية قادرة على إطلاق رؤوس نووية عبر البر والبحر والجو.
وتتمتع الهند بميزة من حيث المدى؛ إذ يُقدر مدى صاروخها «أغني5» الأرضي والمتحرك براً بما يتراوح بين 5 و8 آلاف كيلومتر.
أما صاروخ «شاهين3» الباكستاني، وهو قيد التطوير، فيبلغ مداه نحو 2750 كيلومتراً، أو ما يكفي لضرب الهند بأكملها وفق مكان إطلاقه من باكستان.
وتُعد الدولتان من أكبر مشتري الأسلحة من الخارج، حيث تحصلان على معظم معداتهما من روسيا والصين.
وفي السنوات الأخيرة، اتجهت الهند إلى صانعي الأسلحة في الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى، لتصبح أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وفقاً لبيانات «معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام».
وقد انخفض اعتماد الهند على روسيا من 76 في المائة من واردات أسلحتها خلال المدة من 2009 إلى 2013، إلى 36 في المائة خلال المدة من 2019 إلى 2023، وفقاً لـ«المعهد»، حيث تسعى نيودلهي إلى تحديث أنظمتها بأسلحة من كبرى شركات الدفاع في الولايات المتحدة وأوروبا.
وتحاول باكستان مواكبة هذا التطور، وتشتري الجزء الأكبر من أسلحتها من الصين.
وذكر «معهد سيبري» أن الواردات من الصين شكلت 82 في المائة من مخزون باكستان خلال المدة من 2019 إلى 2023، مقارنة بـ51 في المائة من 2009 إلى 2012.
وكتب الباحث سردار جهانزيب غالب، في ورقة بحثية، نُشرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لـ«معهد الدراسات الاستراتيجية» في إسلام آباد: «تفاوت القوة الإقليمي، الذي تفاقم بفعل توسع الآلة العسكرية الهندية، دفع بباكستان إلى استكشاف استراتيجيات للحد من الهيمنة العسكرية التقليدية لخصمها».