الجمعة, 2 مايو 2025 05:00 PM

بيان "الصحة" السورية يثير عاصفة انتقادات بسبب لغة "مُسيّسة": هل تعمّدت الوزارة "التمييز"؟

بيان "الصحة" السورية يثير عاصفة انتقادات بسبب لغة "مُسيّسة": هل تعمّدت الوزارة "التمييز"؟

أثار بيان صادر عن وزارة الصحة السورية يوم أمس الأربعاء، موجة واسعة من الغضب الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت الوزارة عبر صفحتها الرسمية منشوراً ذكرت فيه أنها أسعفت عدداً من المصابين من أبناء أحد المكونات السورية، بعد تعرضهم لإصابات قرب خطوط التماس، مؤكدة أن كوادرها قدمت "العناية الطبية اللازمة للمصابين دون تمييز".

سناك سوري-دمشق

ورغم أن الوزارة سارعت إلى حذف المنشور لاحقاً، بعد تصاعد الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن ذلك لم يفلح في امتصاص الغضب، وسط مطالبات واسعة بصدور اعتذار رسمي وواضح عن اللغة المستخدمة، التي أعادت إلى الأذهان الخطابات الشعبوية المتحيزة، والمنافية لمبدأ المواطنة والمساواة أمام القانون. كما أن كاتب البيان لا يبدو أنه قد قرأ المادة العاشرة من بنود الدستور والتي تنص على: «المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، من دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب».

ما جرى ورغم افتراض حسن النية بأنه مجرد "زلّة صياغة"، إلا أنه قد يكون انعكاس لمشكلة أعمق في بنية الخطاب الرسمي لبعض المؤسسات الحكومية، بالتعامل مع السوريين كمكونات، لا كمواطنين متساوين في الحقوق والكرامة، وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول دور المكاتب الإعلامية والصحفية للوزارات والمؤسسات العامة، ومدى التزامها بأبسط المعايير المهنية والقيم الدستورية في بياناتها وتصريحاتها.

فوزارة الصحة، وهي الجهة المسؤولة عن رعاية صحة جميع السوريين دون تمييز، كان يفترض أن تخاطب الشعب السوري بمسؤولية، وأن تكرّس مفهوم "الخدمة العامة" التي لا تعرف لوناً أو طائفة أو منطقة، أما الإشارة إلى "الطائفة" في بيان رسمي، فهي لا تعبّر فقط عن ضيق أفق في الصياغة، بل قد تؤسس، عن غير قصد، لحالة فرز مجتمعي خطير.

وأجمع كثير من الناشطين على أن ما حدث يجب أن يكون جرس إنذار لكل المؤسسات الرسمية لإعادة تقييم آلية إصدار بياناتها، ووضع ضوابط مهنية صارمة في مكاتبها الصحفية، وتدريب فرق الإعلام على الالتزام بالدستور والمواطنة.

في لحظة وطنية حرجة، حيث البلاد أحوج ما تكون إلى التماسك والعدالة، لا يمكن القبول بخطابات تكرس الطائفية ولو من باب "النية الحسنة" أو الهفوات، فالوطن يبنى على قواعد المواطنة والعدالة والكرامة المتساوية للجميع.

مشاركة المقال: