الأردن: فاطمة معمر القريوتي
جائتني امرأة تشتكي زوجها، وبعد الاستماع إليها، تبين لي أنها من أصناف النساء العنيدات... ونقلت شكواها للرجل الذي أثق بعلمه وحكمته فكتب لي هذه الكلمات ونصحتها بها، وها أنا هنا أنصح نفسي وباقي النساء، والرجال أيضًا فكل رجل له أخت وابنة وقد تقع المنازعات بالبيوت بين أحد ممن يهمه أمرها وزوجها... فمصلحة العائلة أولى وأحق أن تتبع...
العناد ليس قوة، بل غريزة دفاعية تتقمصها بعض النساء حين تضعف قدرتها على الود والعطاء الصافيين. هو رد فعل يُخفي عجزًا عن احتواء الزوج.... ولا يعبر أبدًا عن شخصية قوية. وكلما استقر العناد في قلب العلاقة، انسحبت المودة من تفاصيلها، وأصبح البيت ساحة شدّ وجذب، لا حضنًا دافئًا للسكنى.
المرأة حين تعاند، لا تناقش فكرة، بل تشتبك مع رجولة الرجل نفسها. تتحوّل العلاقة إلى خصومة مكتومة، وكأنها تقول له في كل موقف: لن تكون القائد هنا.... ومهما بلغ حب الرجل لها، فإن هذا النوع من المقاومة اليومية يستهلك رصيد العاطفة حتى يفلس....
ما يجهله كثير من النساء أن الرجل لا يخاف المرأة العنيدة، بل ينفر منها. لا لأن قوته أضعف من عنادها، بل لأنه ببساطة لا يريد أن يدخل البيت ليُهزم أو ينتصر، بل ليُحب ويُحتوى...
الأنوثة لا تُقاس بالصوت الخافت ولا بالحضور الجميل فقط، بل بذكاء نفسي يدرك متى يتراجع، ومتى يصمت، ومتى يُداوي الجرح بالكلمة، لا بالتحدي..... المرأة التي تُصر على أن تكون دائمًا على صواب، قد تكسب الجدال وتخسر العلاقة. والرجل الذي لا يشعر بأنه يُحترم داخل بيته، سيبحث عن نفسه خارجه، وإن بقي الجسد.
من بين أخطاء بعض النساء أنها تعتقد أن الحب يُعطيها حقًا مطلقًا في فرض شروطها. فتحسن التعامل بالخارج وتُهمل الداخل، وتشتكي أكثر مما تشكر، وتُقارن ولا تُقدّر، وتُظهر قوتها حيث يُطلب منها لينها، وتُحرج الرجل في مواطن رجولته...
عقل الرجل لا يتفاعل مع التحدي في الحب، بل مع الاحتواء. هو بطبيعته كائن يبحث عن أنثى تكمله لا عن ندّ ينازله. فإن وجد في زوجته رجلاً آخر، تنكّر لأنوثتها وإن كانت جميلة،.. وهرب منها وإن كانت وفية. فالرجل لا يهجر امرأةً لأنه لم يعد يحبها، بل لأنه لم يَعُد يشعر برجولته معها....
الإلحاح المستمر على الطلبات، دون مراعاة للقدرة، هو اختزال للرجولة في الجيب، وابتذال للعلاقة في منطق السوق....
ولعل أعجب مظاهر العناد هو خروج المرأة من البيت دون موافقة زوجها، لا لضرورة بل لإثبات أنها تستطيع. وكأن الزواج حلبة لإثبات الذات لا ميثاق شراكة قائم على المودة. ما لا تدركه تلك المرأة أنها حين تخرج دون موافقة وعن رضا، لا تخرج من باب البيت، بل من قلب زوجها أيضًا....
حين يعود كل طرف إلى موقعه الطبيعي، تَصِحُّ العلاقة، وحين تدرك المرأة أن أنوثتها ليست في التمرد، بل في الحكمة، تستعيد حب الرجل بلا قيد. فالعلاقات لا تُبنى على مَن الأذكى أو الأقوى، بل على من الأحنّ والأوعى.
<