الجمعة, 16 مايو 2025 12:53 AM

نقابة محامي حلب تطلق مسارًا إصلاحيًا شاملاً: إعادة تنظيم وتأهيل وعدالة انتقالية

نقابة محامي حلب تطلق مسارًا إصلاحيًا شاملاً: إعادة تنظيم وتأهيل وعدالة انتقالية

أكّد المحامي محمد عارف شريفة، خازن فرع نقابة المحامين في حلب، أن النقابة باشرت مرحلة جديدة من العمل المؤسساتي منذ تسلمها الرسمي لمهامها في 6 شباط 2025، واضعةً على عاتقها جملة من المسؤوليات الإصلاحية الكبرى، في مقدمتها إعادة التنظيم الداخلي، وتحقيق العدالة الانتقالية، وتأهيل المحامين، واستعادة مكانة النقابة بعد سنوات من الانحراف والفساد.

مباشرة العمل بعد التسمية الرسمية

أوضح شريفة أن مجلس فرع النقابة تسلّم مهامه بعد يومين من صدور قرار التسمية، ووجّه فورًا موظفي النقابة للعودة إلى الدوام ومباشرة الأعمال الإدارية دون تأخير.

ضبط ملف إعادة قيد المشطوبين

وأشار إلى أن النقابة تتعامل مع ملف إعادة القيد وفق حالتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بالمشطوبين أمنيًا من قبل النظام، وقد صدر قرار من النقابة المركزية باعتبار شطبهم كأن لم يكن، وإعادتهم مباشرة إلى جدول المحامين دون تقديم طلب رسمي، مع شرط تسديد رسوم التقاعد عن الفترة الممتدة من تاريخ الشطب وحتى تاريخ التحرير؛ أما الحالة الثانية فتخص المحامين المشطوبين لأسباب مالية، وهؤلاء مطالبون بتقديم طلبات طعن لإعادة قيدهم، حيث ما زالت النقابة تستقبل وتدرس هذه الطلبات.

معايير الانتساب وتدقيق الوثائق

لفت شريفة إلى أن قرارات الشطب الجماعي السابقة محفوظة في أضابير الزملاء وتُراجع بدقة قبل إرسالها إلى النقابة المركزية مرفقة بالتوثيق اللازم. وبالنسبة للمنتسبين الجدد، بيّن أنه يجري تشكيل لجنة خاصة للتدقيق في الوثائق المقدّمة، والتشديد على تقديم كشف علامات جامعي أصلي، بالإضافة إلى التأكد من عدم تورط المتقدم بالخدمة في أجهزة النظام الأمنية أو وجود أي سجل فساد بحقه.

رؤية متكاملة لتدريب المحامين المتمرنين

وفيما يخص تأهيل الجيل الجديد من المحامين، أوضح شريفة أن النقابة وضعت رؤية تدريبية شاملة عبر لجنة متخصصة، وتم التواصل مع عدد من الشخصيات القانونية والخبراء لتقديم خبراتهم في تعزيز المهارات المهنية. وأضاف: “نؤمن أن مرحلة ما بعد التحرير ستكون محطة عظيمة في صياغة تاريخ جديد لوطننا وأمتنا، ويجب أن نكون على قدر هذه المسؤولية”.

التعامل مع الشكاوى المهنية

أكدّ شريفة أن النقابة بدأت بمعالجة عشرات الشكاوى المتراكمة بحق عدد من المحامين ممن مارسوا عملهم قبل التحرير، وتشمل تلك الشكاوى انحرافات أخلاقية ومهنية، أو نزاعات تتعلق بالأتعاب، مشيرًا إلى أن النقابة خصصت محكمتين منفصلتين: الأولى للنظر في قضايا الأتعاب، والثانية للدعاوى المسلكية والمخالفات المهنية.

إصلاح الواقع الحقوقي السابق

وفيما يتعلق بالواقع النقابي الذي خلفه النظام السابق، أوضح شريفة: “للأسف، وجدنا ترهلًا إداريًا وفسادًا ماليًا مستشريًا في النقابة قبل التحرير، إضافة إلى تحولها إلى ما يشبه مركزًا أمنيًا يخدم مصالح أجهزة النظام”، مؤكدًا أن عددًا من القضاة والموظفين السابقين متورطون في تسهيل عمليات تزوير، لا سيما في عقود البيع العقاري التي تعود لمهجّرين قسرًا أو مهاجرين خارج البلاد، ما أدى إلى ضياع الحقوق القانونية لأصحابها.

استعادة النقابة لدورها التشريعي والمجتمعي

شدّد شريفة على أن استعادة مكانة النقابة تمر بعدة مسارات متوازية، أبرزها: إعادة هيكلة النقابة إداريًا وبشريًا، محاسبة المتورطين في الفساد والتشبيح، مراجعة قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 30 لعام 2010 والنظامين المالي والداخلي بما يتماشى مع أهداف الثورة، وأخيرًا، التدقيق في الجهاز القضائي الذي لا يزال جزء كبير منه يعمل بعقلية وتبعية النظام السابق.

العدالة الانتقالية وتأسيس محكمة وطنية

أكّد شريفة أن محاكمة المسؤولين عن جرائم النظام البائد، مثل التهجير القسري، الإخفاء القسري، الاعتقال، والقتل، هي مطلب شعبي واسع وأولوية نقابية ملحة. وكشف عن تحضيرات لاجتماع موسع بين مجالس الفروع القانونية تحت مظلة النقابة المركزية، للخروج بورقة عمل موحدة تتضمن رؤية شاملة للعدالة الانتقالية. كما دعا إلى تأسيس محكمة وطنية خاصة بالعدالة الانتقالية، تعتمد إجراءات مرنة وسريعة، تصدر بموجب حزمة من القوانين الجديدة المستندة إلى نصوص الإعلان الدستوري.

التعاون القضائي والانفتاح على المنظمات الدولية

لفت شريفة أن أبواب النقابة مفتوحة للتعاون مع المنظمات الدولية العاملة في مجالات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، لا سيما فيما يتعلق بتدريب لجان التحقيق، جمع وتوثيق الأدلة، وتأهيل القضاة وأعضاء النيابة العامة. ولفت إلى أن ذلك سيساهم في تحقيق العدالة للضحايا وأسرهم، ويؤسس لاستقرار مجتمعي حقيقي ومستدام.

ورشة مدونة السلوك والتحضير للمؤتمر العام

كشف شريفة عن إطلاق ورشة عمل لتحديث قانون تنظيم المهنة، والنظامين المالي والداخلي، بالتوازي مع تشكيل لجان مختصة تعمل على إعداد مدونة سلوك مهني للمحامين، تهدف إلى إعادة الاعتبار لأخلاقيات العمل الحقوقي وتعزيز مبادئ النزاهة. كما أشار المسؤول النقابي في ختام حديثه إلى أن فرع النقابة في حلب يعمل مع الفروع الأخرى بالتنسيق مع النقابة المركزية على التحضير لعقد مؤتمر عام مرتقب، سيتم خلاله مناقشة مسودة ورقة العدالة الانتقالية وتسليمها لاحقًا إلى إدارة الحكومة.

مشاركة المقال: