الأحد, 9 نوفمبر 2025 08:13 PM

تحقيقات حول الإهمال ونقص الكفاءات في مستشفى الجرجانية بالزبداني: شكاوى ومناشدات للدعم

تحقيقات حول الإهمال ونقص الكفاءات في مستشفى الجرجانية بالزبداني: شكاوى ومناشدات للدعم

عنب بلدي – عمر علاء الدين بينما تنطلق حملات إعادة ترميم وإعمار المستشفيات في ريف دمشق، بدءًا من عربين وداريا وصولًا إلى افتتاح عدد من المراكز الصحية في الغوطة الشرقية، يبقى مستشفى "الجرجانية" في الزبداني، الذي يبعد عن دمشق نحو 45 كيلومترًا، يقدم خدماته للمراجعين بصورة وُصفت بالسيئة.

تجولت عنب بلدي داخل أقسام المستشفى، الذي يغطي منطقة الزبداني التي يصل عدد سكانها إلى 100 ألف نسمة وفق تقديرات حكومية، وعاينت ظروف المرضى وطريقة تعامل الكوادر والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات، وصولًا إلى تهالك البنية التحتية.

شكاوى.. ترهل

أدت الحملات التي شنها النظام السوري السابق على الزبداني، إلى خروج خمسة مستشفيات خاصة عن الخدمة، وكذلك المستوصف الحكومي الذي عاد للعمل مؤخرًا. غير أن مستشفى "الجرجانية" الذي بقي تحت سيطرة النظام في أثناء المعارك، تراجع وضعه تدريجيًا بسبب الفساد وقلة الدعم، وفقًا لما ذكرته طبيبة في المستشفى عايشته خلال فترة الثورة، لكنها فضلت عدم نشر اسمها لأسباب أمنية.

وأضافت الطبيبة أن كوادر التمريض "غير مؤهلة" للتعامل مع الحالات الحرجة، و"لا تملك أدنى الممارسات المهنية" التي يجب أن تتوفر في الممرض.

خلال جولتها في المستشفى، رصدت عنب بلدي نقصًا حادًا في الكوادر الطبية والفنية، خاصة في أقسام التخدير والأشعة والإقامة الطبية، كما أن الأهالي الذين يراجعون المستشفى عبروا عن استيائهم من تدني الخدمات والتعامل السيئ من قبل الممرضين والأطباء المقيمين.

فاطمة عبد الغني (50 عامًا) التي ترافق أخاها المصاب بـ"جلطة دماغية"، قالت لعنب بلدي، إنها "مصدومة من سوء الاهتمام والتجاهل المتعمد لاحتياجات المريض"، مشيرة إلى أن حالة أخيها "الحرجة"، تتطلب رعاية حثيثة لا تجدها إلا بعد أن تتشاجر مع الممرضات.

وفي 26 من آب الماضي، خرجت شكاوى ضد الكادر الطبي والتمريضي عبر صفحات محلية في المدينة، إذ قام أحد الممرضين بتركيب جبيرة ليد طفل مكسورة، لكن الجبيرة لم تكن على مستوى الكسر، ما تسبب بضرر للطفل.

طلب الدعم

وجه أطباء وطاقم المستشفى مناشدات عديدة لمديرية صحة ريف دمشق في تموز الماضي، لـ"التدخل العاجل لتوفير الكوادر اللازمة"، والخروج من البيروقراطية والروتين نحو حلول عملية وسريعة.

وأشار كادر المستشفى إلى أن الإدارة خاطبت مرارًا المديرية، مطالبة برفد المستشفى بالكوادر المطلوبة، إلا أن الردود كانت إما بالتسويف أو بالرفض، رغم الحاجة الملحّة والواضحة.

مدير صحة ريف دمشق، توفيق حسابا، أكد، في حديث إلى عنب بلدي، وجود نقص في الكوادر البشرية ضمن المستشفى خصوصًا في أقسام الأشعة والتخدير والمخبر، لكنه أشار إلى هناك عدة خطوات إسعافية اتخذت بهذا الصدد بدعم من وزارة الصحة والأمانة العامة لرئاسة الجمهورية ومنها:

  • الموافقة على عقود بالخبرة لهذه الاختصاصات، حيث جرى رفدها بعشرة عناصر فنية.
  • فتح الباب على مصراعيه للتعاقد مع الفنيين والخبراء.
  • إرسال الجهات الداعمة للقيام على احتياجات المستشفى، منها المنتدى الاقتصادي السوري.
  • التواصل مع المغتربين في خارج سوريا، أو من الأطباء أبناء الزبداني الموجودين في الشمال السوري لدعم وتدريب الكادر الطبي وتأهيله.

وأشار حسابا إلى أن مشكلة أطباء التخدير هي في عموم سوريا، مع ذلك فقد رفدت المديرية بدعم من وزارة الصحة مستشفى الزبداني بطبيبي تخدير في شهرهما الأخير من الاختصاص، وهما على اتصال مباشر مع قسم التخدير في مستشفى "دمشق".

وكشف عن عدم وجود اختصاصي تخدير في المستشفى وأربعة مستشفيات أخرى في ريف دمشق، وأن أي عملية تخدير تجري في هذه المستشفيات تكون على مسؤولية مدير الصحة، لأن الوضع طارئ.

أما بالنسبة للاتهامات التي وجهت للمديرية بالمماطلة والتسويف، فهي صادرة بحسب مدير الصحة في ريف دمشق من "أشخاص لا تعجبهم الإصلاحات الإيجابية في المستشفى"، قائلًا إن "هذا الهجوم من أشخاص تتعارض مصالحهم مع تحسين الخدمات في المستشفى وما زالوا يحملون فكر النظام البائد في عقولهم ويتمنون عودته".

وأضاف أن الأرقام هي التي تتكلم، "ونعتبر مستشفى الزبداني من أولى أولوياتنا"، من خلال التزويد بالخبرات والدعم.

وتساءل كيف يمكن لمديرية الصحة عرقلة عمل المستشفى وهي من رفدتها بكوادر مقيمي التخدير بشكل استثنائي من مستشفى "دمشق".

في 18 من تشرين الأول الماضي، أطلقت مجموعة من أطباء الزبداني في الولايات المتحدة حملة تبرعات للمستشفى، ووصلت قيمة التبرعات إلى 250 ألف دولار أمريكي.

إقرار بالمشكلة ومساعٍ للحل

مدير المستشفى "الوطني" في الزبداني، الدكتور وسام الدالاتي، شرح الوضع الحالي، مبديًا انفتاحه على إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها الرعاية الطبية بالتنسيق مع مديرية صحة ريف دمشق.

وقال الدالاتي لعنب بلدي، إن هناك ثلاثة أجهزة تخدير حاليًا، تعمل بشكل جيد، وتجرى العمليات الجراحية بشكل طبيعي داخل المستشفى، و"لكننا نعاني من نقص في أطباء التخدير" وعدم القدرة على تغطية العمليات الإسعافية 24 ساعة على مدار الأسبوع.

أما بالنسبة لجهاز الطبقي المحوري (الوحيد في المستشفى) فهو فعلًا قديم، بحسب الدالاتي، ويتعرض لأعطال متكررة، وتسعى إدارة المستشفى لاستبدال جهاز حديث به، وهذا الأمر ينطبق أيضا على جهاز الأشعة البسيط.

وأشار إلى وجود نقص في الكوادر الطبية، وخاصة بعض الاختصاصات الطبية مثل التخدير والأشعة والداخلية العصبية والجراحة العصبية والكلية والجراحة البولية.

أما بالنسبة لأهلية الأطباء المقيمين والممرضين في المستشفى، فقال الدالاتي، إن الأطباء المقيمين في طور التخصص، وتختلف كفاءاتهم حسب سنة التخصص، وحسب عوامل شخصية أخرى، "وقد شكلنا لجنة علمية لمتابعة تدريبهم وتقييم أدائهم العلمي بشكل دوري".

وأضاف، "نسعى لرفع سويتهم العلمية بالتنسيق مع مديرية الصحة، وهناك أفكار للتعاون مع منظمات مهتمة بذلك".

مشاركة المقال: