كشفت وكالة "رويترز" في تقرير مفصل عن لقاء غير معلن عقده الرئيس السوري أحمد الشرع في مقره السابق بمحافظة إدلب، بحضور أكثر من مئة شخص من الموالين له من مسؤولين وقادة أعمال.
ووفقًا للتقرير، افتتح الشرع الاجتماع بمزحة لاذعة، معلقًا على السيارات الفارهة التي وصل بها الحاضرون، مثل "كاديلاك إسكاليد" و"رينج روفر" و"شيفروليه تاهو"، قائلاً: "لم أكن أعلم أن الرواتب الحكومية مرتفعة إلى هذا الحد!"
ونقلت "رويترز" عن مصادر حضرت الاجتماع أن الرئيس السوري وبخ المسؤولين بسبب مظاهر الثراء السريع، مذكراً إياهم بأنهم "أبناء الثورة". وأمر بمصادرة مفاتيح السيارات الفارهة من موظفي الدولة، وهدد بفتح تحقيقات بتهمة الكسب غير المشروع ضد المخالفين.
من جانبها، أكدت وزارة الإعلام السورية للوكالة أن الاجتماع كان "ودياً وغير رسمي"، ونفت ما تردد عن تسليم المفاتيح، لكنها أكدت أن الرئيس شدد خلال اللقاء على "عدم التسامح مع أي شبهة فساد بين موظفي الدولة".
ويرى محللون أن هذا الاجتماع يعكس التحدي الأكبر الذي يواجه الشرع (43 عاماً) في سعيه للتحول من قائد معارضة مسلحة إلى رئيس دولة مدنية، وسط جهوده لتفكيك شبكات الفساد التي ترسخت خلال عقود حكم النظام السابق.
وفي سياق متصل، ذكرت الوكالة أن حملة مكافحة الفساد التي يقودها الشرع طالت أفراد عائلته، حيث أمر بإغلاق مكتب شقيقه الأكبر، رجل الأعمال جمال الشرع، في دمشق بالشمع الأحمر، ومنع الجهات الحكومية من التعامل معه بسبب اتهامات باستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية.
وأكدت وزارة الإعلام السورية قرار الإغلاق، موضحة أن جمال الشرع "لا يشغل أي منصب رسمي".
كما نقلت "رويترز" عن رجال أعمال ومسؤولين سوريين أن الفساد لا يزال يمثل تحدياً كبيراً رغم إجراءات الشرع الأخيرة، مشيرين إلى استمرار حالات دفع الرشى مقابل الإفراج عن معتقلين أو تسوية أوضاع قانونية.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الحكومة تعمل على تنظيم عمليات "التسوية الاقتصادية" عبر لجنة للمكاسب غير المشروعة وصندوق ثروة سيادي قيد التأسيس، بهدف تحويل الأصول المصادرة من رموز النظام السابق إلى مشاريع عامة.
ويؤكد مراقبون أن هذه الخطوات، رغم صعوبتها، تمثل اختباراً حقيقياً لقدرة الرئيس الشرع على ترسيخ نهج جديد في الحكم، يقوم على الشفافية والمساءلة، بعد سنوات طويلة من الفساد الممنهج في مؤسسات الدولة السورية.
زمان الوصل
