الثلاثاء, 21 أكتوبر 2025 09:38 PM

تفاصيل حصرية من مفاوضات غزة: كيف تم ترحيل ملف الأسرى الكبار إلى المرحلة الثانية؟

تفاصيل حصرية من مفاوضات غزة: كيف تم ترحيل ملف الأسرى الكبار إلى المرحلة الثانية؟

شكّل ملف الأسرى الكبار، بمن فيهم أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، القضية الأكثر حساسية وإثارة للجدل قبيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والذي تم إبرامه بناءً على المقترح الأميركي. ففي حين أبدت إسرائيل استعدادها لمناقشة قوائم محددة من الأسرى، رفضت بشكل قاطع إدراج الأسماء الرمزية، وهو ما اعتبرته قوى المقاومة المشاركة في التفاوض غير المباشر "الفتيل الذي كان يمكن أن يفجر كل شيء"، معتبرةً هذا الرفض تنصلاً من تعهدات إسرائيل، وطعناً في جوهر أي تسوية سياسية، ومساساً بمبدأ العدالة الوطنية.

ووفقاً لمصادر في المقاومة مطلعة على جولات التفاوض، والتي تحدثت إلى «الأخبار»، فقد استغرقت النقاشات حول ملف الأسرى "أكثر من 48 ساعة متواصلة"، في جلسات اتسمت بـ "التوتر والانفعال". وفي ذلك الوقت، سعت فصائل المقاومة بإصرار كبير لإدراج أسماء محددة في قوائم الإفراج، وعلى رأسها القادة مروان البرغوثي، وأحمد سعدات (الأمين العام لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»)، وحسن سلامة، وعدد من القيادات البارزة.

وبينما تحول هذا الملف إلى عنصر يهدد بانهيار الاتفاق نتيجة رفض الفصائل التوقيع دون حله، حاول الوسطاء إيجاد "صيغ وسطية". إلا أن التدخل الأميركي المفاجئ "قلب الموازين"، إذ نقل الوسطاء رسالة صريحة من صهر الرئيس الأميركي ومستشاره، جاريد كوشنر، مفادها: "إما القبول بالصفقة كما هي، أو مواجهة حرب جديدة بضوء أخضر أميركي شامل، تتجاوز هذه المرة كل الخطوط الحمر في غزة".

وتوضح المصادر أن هذه الرسالة حملت تهديداً ضمنياً بتدمير ما تبقى من مدينة غزة بعد احتلالها بالكامل، والانتقال إلى مناطق أخرى لم يدخلها الاحتلال بعد، لتحويل القطاع كله إلى ركام وتحميل الفصائل المسؤولية السياسية والإنسانية عن ذلك. وتضيف المصادر أن تلك الخطوة "أنهت الحوار فجأة، وأجبرت الأطراف على القبول بالصفقة بصيغتها الحالية، مع اتفاق ضمني على ترحيل ملف القادة الكبار إلى المرحلة الثانية من المفاوضات".

وفي محاولة لإنقاذ التوازن من قلب هذا المأزق، خرج أحد قادة المقاومة الفلسطينية بمقترح عملي يهدف إلى الموازنة بين البعد الإنساني والضرورات السياسية والأمنية، ووضع حد لاستمرار معاناة كبار الأسرى. وبحسب المصادر، يرتكز المقترح على آلية تؤدي إلى نقل هؤلاء إلى دولة ثالثة، باعتبار أن قضيتهم لم تعد مسألة قانونية أو تفاوضية فحسب، إنما أصبحت قضية إنسانية وسياسية بامتياز، تمس كرامة الشعب الفلسطيني وحقه في التمثيل السياسي داخل وطنه وخارجه.

كما استندت مقترحات القيادي المذكور إلى "إعادة توصيف" وضع كبار الأسرى من زاوية القانون الدولي الإنساني، بحيث يُنقلون من خانة "المعتقلين الأمنيين" كما تصفهم إسرائيل، إلى خانة "شخصيات سياسية خاضعة لترتيب إنساني دولي خاص" بإشراف الأمم المتحدة و"اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، وبضمانة دولة ثالثة.

وتشير المصادر إلى أن إصرار المقاومة على هذا المقترح ساهم في تثبيت بند رسمي يقضي بإدراج ملف كبار الأسرى ضمن جدول أعمال المرحلة الثانية من التفاوض تحت عنوان "الترتيبات الإنسانية الخاصة"، خصوصاً أن هذا الملف سيبقى "عامل تفجير دائم" لأي اتفاق مستقبلي إن لم يُحلّ بشكل نهائي وعادل. وفي هذا الإطار، نُقل عن أحد قادة المقاومة قوله: "لن يكون هناك سلام أو تهدئة شاملة ومستقرة ما دام القادة خلف القضبان. هؤلاء رموز تمثل ذاكرة الشعب وكرامته، كما أنهم شخصيات سياسية قد تلعب دوراً رئيسياً في أي مسار وطني شامل في المراحل المقبلة".

وإذ تدرك الفصائل أن البند الذي اتُفق عليه "لا يحقق التحرير الكامل"، فهي تعد خروج كبار الأسرى من السجون الإسرائيلية، حتى تحت قيود الإقامة "انتصاراً معنوياً وسياسياً، واعترافاً ضمنياً بشرعيتهم النضالية".

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

مشاركة المقال: