منهل إبراهيم: تسعى الحكومة جاهدة لعبور سوريا والسوريين نحو مستقبل أفضل، يرتكز على البناء والإعمار، وتصحيح مسار العلاقات مع دول الجوار والعالم، مدفوعة بالأمل والتفاؤل بتكاتف جميع أبنائها، وبدعم الدول الشقيقة والصديقة لتجاوز تركة النظام السابق التي خلفت تحديات كبيرة ومعقدة في جميع أنحاء سوريا.
أكد المعهد العربي الأميركي في واشنطن أن سوريا، بعد فترة نظام الأسد، تواجه مشكلات داخلية وخارجية جمة، لا يمكن حل أي منها بسهولة، وتتطلب المزيد من الوقت والجهد. وأشار إلى أن إيران و"إسرائيل" ودولاً أخرى تورطت بدرجات متفاوتة في التدخل في سوريا عسكرياً وسياسياً خلال السنوات الأخيرة.
أوضح المعهد العربي الأميركي أن "إسرائيل" كانت عدوانية بشكل خاص بعد فترة نظام الأسد في الاستيلاء على الأراضي، وتأجيج الصراع الطائفي، وقصف العديد من القدرات الدفاعية والأمنية الداخلية لسوريا. وأضاف أنه على الرغم من أن خطاب الحكومة السورية الجديدة يبدو واعداً، إلا أن المشكلات التي تواجهها تفرض عليها خيارات صعبة، تحد من قدرتها على المضي قدماً، مثل الضغوط المالية الهائلة لإعادة بناء البلاد، وتنمية الاقتصاد، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختلفة.
ذكر المعهد العربي الأميركي أن قدرة القيادة الجديدة في سوريا على جمع الأموال وجذب الاستثمارات الأجنبية تعوقها حقيقة أن نظام الأسد كان خاضعاً لعقوبات دولية. وبينما ترغب العديد من الدول، ولأسباب مبررة، في أن تثبت الحكومة الجديدة قدرتها على النهوض بالبلاد، فإن تأخير الدعم لا يعني سوى تأخير إعادة إعمار سوريا، واستئناف الخدمات الضرورية، ودفع رواتب الموظفين الحكوميين السوريين. ويبدو أن أسباب إبطاء الولايات المتحدة في تخفيف العقوبات يعود جزئياً إلى رغبة المفاوضين الأميركيين في أن يتوصل السوريون إلى نوع من الترتيبات الأمنية مع إسرائيل.
شدد المعهد على أن الحلول في سوريا يجب أن تكون منطقية، وأنه عند محاولة حل أي مشكلة، من المهم الأخذ في الاعتبار أن الحل لا ينبغي أن يرتكز على مطلب تفتقر الأطراف إلى القدرة عليه أو لا ترغب في القيام به، في إشارة واضحة لمطالب الاحتلال الإسرائيلي البعيدة عن الواقع والمنطق، كما ترى العديد من وسائل الإعلام والمحللين السياسيين والعسكريين بالنسبة لمفاوضاتها مع سوريا. وأضاف المعهد العربي الأميركي أن الحكومة الجديدة في سوريا أطاحت بالنظام القديم، ولكن رغم خبرتها في الحكم، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجهها نحو تحقيق الوحدة الوطنية، وإدارة كيان سوري أكثر تعقيداً وتنوعاً، مؤكداً أنه ينبغي على "إسرائيل" وبعض القوى الإقليمية الابتعاد عن سوريا والتوقف عن استغلال التوترات الطائفية لمصالحهم الخاصة، في إشارة واضحة لمحاولة استغلال الاحتلال الإسرائيلي لأزمة السويداء.
تبقى أهم التحديات في سوريا تتمثل في تحقيق الأمن والاستقرار وتأمين المساعدات الإنسانية، إذ إن إعادة الإعمار والتنمية لا يمكن أن تتحقق من دون استتباب الأمن، كما أن هجمات إسرائيل وتدخلاتها بذريعة تدمير أسلحة النظام السابق تثير مخاوف المستثمرين.
رغم أن دعم المجتمع الدولي لسوريا يعد مفيداً بشكل عام، إلا أن التوترات لم تنته بعد في عدة مناطق، فشرق الفرات ما زال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفي السويداء تتواصل حالة التوتر، وإسرائيل تقف وراء الفوضى.
إلى ذلك أشارت شبكة الأخبار البريطانية "بي بي سي" إلى أن نظام الأسد ترك في سوريا خلفه تحديات اقتصادية كبيرة، مع انهيار شبه كامل للبنية الاقتصادية نتيجة السياسات التي نفذها هذا النظام على مدى أعوام طويلة.
تؤكد "بي بي سي" أن إعادة إعمار سوريا تشكل مهمة ضخمة بعد حرب استمرت أكثر من ثلاثة عشر عاماً، وأودت بحياة مئات الآلاف وتعرضت خلالها مدن للقصف حتى أصبحت كومة من الركام، وهجر السكان مساحات شاسعة من المناطق الريفية، وتضرر الاقتصاد بسبب العقوبات الدولية.