في خطوة تعكس رغبة الحكومة السورية في بناء علاقات جديدة مع لبنان على أسس الاحترام المتبادل، زار وزير العدل السوري، مظهر الويس، بيروت يوم الثلاثاء. تأتي هذه الزيارة بعد الزيارة التي قام بها وفد حكومي سوري برئاسة وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني الأسبوع الماضي إلى العاصمة اللبنانية، والتي وُصفت بالتاريخية.
خلال مؤتمر صحفي عقده في بيروت مع نظيره اللبناني عادل نصار ونائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني طارق متري، أكد الويس إحراز تقدم في المحادثات حول اتفاقية تعاون قضائي بين البلدين، مشيراً إلى أنها سترتكز على مبادئ العدالة واحترام السيادة. وأوضح الويس، وفقاً لوكالة "سانا"، أن وجهات النظر متقاربة وأن الأمور تسير في الإطار القانوني الصحيح.
تناولت المناقشات قضايا التعاون القضائي المتعلقة بالمعتقلين السوريين في لبنان، والمطلوبين السوريين الفارين إلى لبنان، واللبنانيين الفارين إلى سوريا، بالإضافة إلى الملفات القديمة المتعلقة بالتعاون في القضايا الأمنية التي حدثت في لبنان. وأشار إلى تشكيل فرق خاصة لمتابعة إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة.
من جانبه، ذكر وزير العدل اللبناني أن صياغة الاتفاقية قد قطعت خطوات كبيرة نحو الانتهاء من نصها القانوني، موضحاً أنها لا تشمل المتورطين في جرائم القتل (سواء المدنيين أو العسكريين اللبنانيين) وجرائم الاغتصاب. وأكد نصار أن الاجتماع كان بناءً وإيجابياً، وتطرق إلى قضية الفارين من العدالة من لبنان إلى سوريا، والحصول على المعلومات الأمنية، والاغتيالات التي حصلت في لبنان، إضافة إلى قضية المُغيّبين قسراً. وشدد على التزام الجانبين باحترام الأطر القانونية للاتفاقية، بما يضمن سيادة البلدين، معرباً عن وجود رغبة قوية في التعاون المشترك.
بدوره، أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني طارق متري أن العلاقات بين لبنان وسوريا تشكل الأساس والمرجع في معالجة قضية الموقوفين السوريين في لبنان، مؤكداً أن الحكومة اللبنانية لديها إرادة سياسية قوية لحل هذه المشكلة. وأشار متري إلى أن الوزير الويس سيزور سجن رومية، معتبراً هذا الإجراء طبيعياً، وأن أي دولة لها الحق في مقابلة مواطنيها الموقوفين والمحكومين في لبنان. ولفت إلى أن عدد السوريين الموقوفين والمحكومين في لبنان يبلغ حوالي 2300، وأن الاجتماعات ستعقد بالتناوب بين بيروت ودمشق. وشدد على أن العلاقات اللبنانية السورية أعمق وأشمل من مجرد لجنة لوضع اتفاقية تعاون قضائي، وأن هناك لجان أخرى تهتم بقضايا الحدود واللاجئين السوريين، وأن المحادثات مستمرة ودائمة بين البلدين.
وكان وفد من وزارة العدل السورية برئاسة الوزير الويس قد وصل إلى بيروت بهدف بحث سبل التعاون لدعم الجهود المشتركة في رفع الظلم عن المعتقلين وتحقيق العدالة. وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة قام بها وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني ووزير العدل مظهر الويس، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، إلى بيروت يوم الجمعة الماضي. وتُعدّ زيارة الشيباني الأولى لمسؤول رسمي سوري إلى لبنان منذ سقوط الأسد، حيث أكّد فيها أن السلطات السورية «تحترم سيادة لبنان»، ومبدأ «عدم التدخل في شؤونه الداخلية». وأضاف: «نريد أن نتجاوز مع لبنان عقبات الماضي». ووُصفت زيارة الوفد السوري بأنها «تاريخية»، وتفتح «باباً جديداً» للعلاقات مع لبنان، ونُوقشت خلالها ملفات اقتصادية وأمنية وقضائية.
الوطن – وكالات