عنب بلدي – جلال ألفا – بينما أصبحت التكنولوجيا عنصراً حاسماً في تطوير الأداء الرياضي على مستوى العالم، لا تزال الرياضة السورية تواجه صعوبات في تبني الأدوات التقنية الحديثة. فبين نقص الإمكانيات وغياب التخطيط الاستراتيجي، تزداد الحاجة إلى دمج التكنولوجيا في مجالات التدريب والتحليل والإدارة الرياضية.
يعزو المدرب والمحلل الرياضي صافي عيوش ضعف حضور التكنولوجيا في الرياضة السورية إلى عدم وجود نظام متكامل وخطة واضحة للاستفادة من البيانات. وأكد عيوش لعنب بلدي أن المشكلة لا تكمن في وجود التكنولوجيا نفسها، بل في كيفية إدارتها وتوظيفها.
ضعف البنية التحتية كعائق
يرى أحمد حسون، المدرب في أكاديمية "كوارك" الإسبانية، أن الظروف الصعبة والحرب التي مرت بها البلاد تعتبر من أهم أسباب عدم مواكبة الرياضة السورية للتكنولوجيا. وأشار حسون لعنب بلدي إلى أن ضعف البنية التحتية في سوريا يعيق إدخال التكنولوجيا في المجال الرياضي. كما أضاف أن قلة المعدين البدنيين المعتمدين لدى الاتحاد و"فيفا" يحد من استخدام التكنولوجيا الرياضية في سوريا.
ويؤكد حسون أن التحدي الحقيقي لا يكمن في توفير الأجهزة الرقمية، بل في غياب الكادر المؤهل لإدارتها وتطويره. ويرى أن نقص البيانات المتاحة يمنع إجراء تحليل شامل لأداء اللاعبين.
على الرغم من الفوائد الكبيرة لتكنولوجيا الرياضة، تواجه سوريا عدة عوائق تحد من فعاليتها وتطبيقها، وعلى رأسها العوائق المادية، وفقاً لأحمد حسون. ويضيف أن نقص البنى التحتية المجهزة لا يساعد على توفير الإمكانيات اللازمة للمتابعة الدقيقة، وأن غياب الكوادر ذات الخبرة والمعلومات اللازمة للتدريب المنظم يعتبر من العوائق الأساسية.
بينما يرى صافي عيوش أن كرة القدم تحتاج إلى الخبرة والفهم التدريبي والإدارة الواعية قبل توفر الأجهزة. ويؤكد أن التكنولوجيا مهمة، لكن الأهم هو العنصر البشري المؤهل والمتخصص، وإلا ستظل الأجهزة مجرد ديكور.
ويشدد عيوش على حاجة سوريا إلى الاستثمار في تأهيل الكوادر التدريبية والتحليلية قبل تطبيق التكنولوجيا.
غياب أنظمة مراقبة الأداء
لا تزال البنية الرقمية في الرياضة السورية غائبة إلى حد كبير، فلا توجد أنظمة تعقب متقدمة مثل أجهزة "GPS" أو الكاميرات التحليلية أو أجهزة الاستشعار المستخدمة في مراقبة الأداء البدني والفني للرياضيين، بحسب أحمد حسون.
وأوضح حسون أن عملية التحليل في الدوري السوري لا تزال تقليدية، وتعتمد غالباً على مراجعة مقاطع الفيديو المسجلة للمباريات، باستثناء المنتخب السوري الأول الذي يحظى بإمكانيات تحليل أكثر تقدماً. وأشار إلى أن الاتحاد الرياضي العام السابق واتحاد الكرة سخرا الموارد المتاحة لتطوير المنتخب في المباريات الودية ومباريات تصفيات كأس العالم، مؤكداً على أهمية إنشاء قاعدة بيانات رقمية تبدأ من الفئات العمرية لتطوير جميع الموارد.
أهم التقنيات الحديثة
- تقنية الحكم الفيديو المساعد (VAR): تستخدم لمساعدة الحكام في اتخاذ قرارات دقيقة خلال المباريات.
- تقنية دعم الفيديو (FVS): نسخة مبسطة من نظام مراجعة الفيديو، مصممة لتكون أسهل تطبيقاً في البطولات ذات الموارد المحدودة.
- تقنية خط المرمى (Goal Line): أجهزة وحساسات تتأكد مما إذا كانت الكرة قد تجاوزت خط المرمى بالكامل أم لا.
- أجهزة تعقب (GPS): تستخدم لتحديد مواقع اللاعبين في الملعب وحساب المسافات المقطوعة والسرعات ومعدل الجهد البدني.
- أجهزة الاستشعار: أساور أو شرائط قياس لتسجيل معدل ضربات القلب ومستوى اللياقة البدنية والإجهاد العضلي.
- الكرة الذكية (Smart Balls): كرات مجهزة بأجهزة استشعار لمراقبة سرعة التسديد والدقة في التمرير أو التسديد.
- الواقع الافتراضي (VR): تساعد اللاعبين على تحسين مهاراتهم في بيئة تدريبية متقدمة.
وسيلة للتحليل والتخطيط
تعتبر التكنولوجيا الرياضية إحدى أبرز ركائز التطوير في العالم الحديث، حيث تساهم في رفع كفاءة الأداء البدني والفني للرياضيين وتحسين أساليب التدريب والمتابعة الطبية، وفقاً لرؤية أحمد حسون. وأوضح حسون أن التقنيات الحديثة تقدم تخطيطاً علمياً كاملاً للاعب وتساعده على الوقاية من الإصابات من خلال معرفة قدرته البدنية ومستوى الجهد الذي يبذله في التمارين والمباريات.
ويرى صافي عيوش أن البنية الرقمية تساعد في تحليل الأداء من خلال معرفة المسافات المقطوعة والسرعات ومعدل الجهد ونقاط القوة والضعف الفردية والجماعية. كما تساهم في تقديم تقارير دقيقة تساعد المدرب على تحسين قدرات كل لاعب بشكل شخصي وتقليل خطر الإصابات عبر مراقبة الحمل التدريبي والبدني. ويرى أن البنية الرقمية تساعد في بناء رؤية واضحة للفرق على المدى القصير والبعيد، معتبراً أن الاستخدام المحدود للتكنولوجيا هو سبب الفجوة الكبيرة بين الدوري السوري والدوريات المحترفة.
تجارب سابقة مصيرها الفشل
شهدت سوريا عدة محاولات سابقة لتطوير التكنولوجيا في قطاع الرياضة، لكنها لم تحقق النجاح المرجو نتيجة سيطرة النظام السوري السابق على قطاع الرياضة، بالإضافة إلى أن اتحاد كرة القدم السابق ركز على الولاءات الإدارية والسياسية أكثر من الكفاءة الفنية.
رئيس اتحاد الكرة في عهد النظام السابق، صلاح رمضان، وعد بإدخال تقنية حكم الفيديو المساعد "الفار" (VAR) إلى الدوري السوري، ثم وعد بإدخال "الميني فار" (Mini VAR)، وذكر أن الاتحاد جلب أفضل سماعات في العالم للتواصل بين الحكام واتخاذ القرارات، دون الحاجة إلى الإشارات فيما بينهم. وأكد أن الاتحاد بذل قصارى جهده لتطبيق نظام "الميني فار" (Mini VAR)، وأرسل كوادر إلى خارج سوريا للتدرب على التقنية، لكن كل تلك الوعود لم تنفذ.
"الفار" في سوريا.. لا كوادر ولا معدات
يصطدم اعتماد تطبيق "الفار" (VAR) في سوريا بالكثير من العقبات، ولا سيما تأمين المعدات اللازمة لتطبيق تلك التقنية.
في 13 آب 2023، وقع اتحاد الكرة في سوريا مذكرة تفاهم مع الاتحاد السعودي لكرة القدم لتزويد نظيره السوري بتقنية "الفار" (VAR). وقال نائب رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم في عهد النظام السابق، عبد الرحمن الخطيب، إن رئيس لجنة الحكام بالاتحاد السعودي اجتمع مع المعنيين باتحاد كرة القدم السوري وأرسل كتاباً إلى الاتحاد الدولي للعبة "فيفا" لإقامة دورة لتدريب الحكام السوريين، كما وعد بإرسال تقنيين فنيين للتدرب على تشغيل أجهزة "الفار".
وقال رئيس مكتب الألعاب الجماعية السابق في وزارة الرياضة والشباب، فراس تيت، لعنب بلدي في وقت سابق، إن البنى التحتية في سوريا شبه منهارة، وتطبيق تقنية "الفار" يتطلب إعداد كوادر فنية وتقنية متخصصة عبر دورات مقدمة من الاتحادات الدولية والآسيوية. وأضاف أنه بعد إجراء الدراسات اللازمة، يمكن البدء بتجهيز أو ترميم البنى التحتية وتدريب الكوادر تمهيداً لإطلاق تقنية "الفار" بشكل فعال.