أصدر "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر"، برئاسة الشيخ غزال غزال، بيانًا اليوم الخميس، الموافق 18 من أيلول، يعلن فيه رفضه لانتخابات مجلس الشعب في سوريا. وأكد مكتب التنسيق والعلاقات العامة التابع للمجلس أن المجلس يعتبر مجلس الشعب، الذي تروج له "سلطة الأمر الواقع"، فاقدًا لأي شرعية وطنية أو تمثيلية حقيقية.
أوضح البيان أن هذا "الكيان" لا يمثل إرادة الشعب السوري، بل يخضع لإدارة مباشرة من قبل "هيئة تحرير الشام"، ويشكل امتدادًا لسلطة انتقالية غير شرعية تفتقر إلى التفويض الشعبي. يأتي هذا البيان بعد إعلان اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب عن القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة في مختلف المحافظات.
وصرح نوار نجمة، المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، بأنه تم نشر القوائم الأولية لأعضاء الهيئات الناخبة، وسيتم فتح باب الطعون أمام المواطنين. وأشارت اللجنة العليا إلى أن الطعون على هذه القوائم ستُقبل في الفترة من 18 إلى 20 من أيلول الحالي.
وشدد "المجلس العلوي" على أن "الظروف التي يُفرض فيها هذا المجلس تُسقط عنه الشرعية". ويرى المجلس أن العملية السياسية الجارية مرفوضة، لأنها "تُدار في بيئة قهرية لا تُمكّن الشعب من تقرير مصيره". ودعا المجلس، سواء في الداخل أو الخارج، وخاصة في مناطق دمشق والساحل وحمص وحماة وريفها، إلى مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها.
انتقادات للتجاهل الحكومي
في 13 من أيلول الحالي، انتقد "المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر" الحكومة السورية، متهمًا إياها بتجاهل المكوّن العلوي. واعتبرت منى غانم، المتحدثة باسم مكتب التنسيق والعلاقات العامة في "المجلس"، أن السلطة الحالية في سوريا، التي وصفتها بـ"سلطة الأمر الواقع"، تتجاهل المكوّن العلوي "بشكل مقصود منذ تسلّمها، ولا تهتم به أبدًا".
وأشارت غانم إلى أن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لم يلتقِ أبدًا بأي من مكوّنات الشعب العلوي. ورحبت المتحدثة باسم "المجلس الإسلامي العلوي" بحماية الأكراد و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) لمناطق الساحل، محذرة من توطين أجانب غير سوريين في مناطق العلويين.
وحول "فدرلة" الساحل السوري، أكدت غانم أن العمل على هذا الأمر لم يبدأ أبدًا، ومن الأفضل أن يحصل الساحل على هذا المطلب من خلال عملية سياسية شاملة لكل السوريين، بحيث يكون جزءًا من عملية سياسية دبلوماسية تشرف عليها الأمم المتحدة.
"الإدارة الذاتية" ترفض الانتخابات
كما أصدرت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، في 24 من آب، بيانًا رفضت فيه الانتخابات البرلمانية في البلاد، معتبرة أنها "خطوة شكلية لا تمت للديمقراطية بصلة، ولا تعبّر عن إرادة السوريين بأي شكل من الأشكال".
وجاء في البيان أن "السوريين ضحّوا من أجل العدالة والحرية والمساواة وحق الانتخاب والترشيح الحر، إلا أن ما يجري اليوم هو إعادة إنتاج لسياسات التهميش والإقصاء التي عانى منها السوريون على مدى أكثر من خمسة عقود". وأضاف البيان أن العملية الانتخابية الحالية تُقصي قرابة نصف السوريين بفعل التهجير القسري والسياسات الممنهجة لمنع مشاركة المكونات الفاعلة في تقرير مستقبل البلاد، وهو ما يؤكد أنها لا تمثل متطلبات الحل السياسي الشامل.
واختتم بيان "الإدارة الذاتية" بالتأكيد على أن "الحل في سوريا لن يكون عبر إعادة إنتاج السياسات القديمة، بل عبر مسار سياسي شامل يشارك فيه جميع السوريين بمختلف مكوناتهم وإرادتهم الحرة، وصولًا إلى سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية تضمن الحقوق وتفتح آفاق السلام والاستقرار".
منظمات تنتقد النظام الانتخابي
كانت مجموعة من المنظمات الحقوقية السورية قد أصدرت "ورقة موقف" تنتقد فيها المرسوم رقم "143" لعام 2025، الخاص بالنظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري. وجاء في الورقة الصادرة في 15 من أيلول الحالي، أن المرسوم ينص على انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب عبر هيئات ناخبة، بينما يُعيّن الثلث المتبقي مباشرة من قبل الرئيس، كما يمنح المرسوم الرئيس صلاحية تسمية بدلاء عن النواب الذين يفقدون مقاعدهم، ما يمنحه قدرة على التأثير المباشر في تشكيل المجلس.
واعتبرت المنظمات أن المرسوم يحتوي على ثغرات بنيوية تجعله بعيدًا عن الحد الأدنى من المعايير الدولية للتمثيل والمشاركة السياسية، محذرة من أن الصياغات القانونية تمنح السلطة التنفيذية سيطرة واسعة على تشكيل مجلس الشعب، وتحد من مشاركة المواطنين والفئات المهمشة. وتشير القراءة الحقوقية إلى أن هذه الصلاحيات تجعل مجلس الشعب عرضة للهيمنة التنفيذية، إذ يمكن للرئيس تشكيل أغلبية برلمانية من أشخاص يختارهم أو يضمن ولاءهم، ما يقوّض مبدأ التعددية ويحوّل المجلس إلى هيئة ذات لون سياسي واحد.
كما أن الأعضاء المفترض انتخابهم يخضعون لسلسلة من اللجان المرتبطة بـ"اللجنة العليا للانتخابات" المعيَّنة من قبل الرئيس، ما يجعل العملية الانتخابية في دائرة نفوذ الرئيس المباشر وغير المباشر، وبالتالي فإن مجمل هذه الترتيبات "تجعل الانتخابات شكلية، فاقدة لجوهرها كآلية ديمقراطية لضمان التمثيل والمساءلة"، بحسب "الورقة".
شروط الترشح "فضفاضة"
اعتمد المرسوم، بحسب "الورقة"، لغة فضفاضة عند تحديد شروط الترشح، مستبعدًا كل من يُعتبر "من داعمي النظام البائد"، و"التنظيمات الإرهابية"، أو "من دعاة الانفصال والتقسيم أو الاستقواء بالخارج"، دون تعريف واضح لهذه المصطلحات، ما يترك مجالًا للتفسير الانتقائي من قبل السلطة التنفيذية، "لتحديد من يحق له الترشح ومن يُستبعد".
كما تناول المرسوم فئات مثل "الكفاءات" و"الأعيان"، لكنه لم يوضح المقصود بفئة "الأعيان"، ما يفتح المجال أمام النفوذ الشخصي والمالي للوصول إلى المقاعد المخصصة لهذه الفئة، كما نصَّ المرسوم على تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 20%، مع عبارة "ما أمكن" التي تطول أيضًا المهجّرين وذوي الإعاقة والناجين من الاعتقال، ما يجعلها "إرشادية وغير ملزمة"، بحسب "الورقة".
واعتاد السوريون، خلال العقود الأخيرة، تسمية "مجلس الشعب" بـ"مجلس التصفيق"، لأنه كان ينفّذ ما يُطلب منه، وحصل هذا بشكل صارخ عندما جرى تعديل الدستور عام 2000، بما يسمح لرئيس النظام السابق، بشار الأسد، الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية بعد وفاة والده، وجرى تمرير قرار بهذا الشأن خلال دقائق.