الخميس, 18 سبتمبر 2025 10:35 PM

خطة طريق السويداء: بين التفاؤل الحذر والرفض المحلي

خطة طريق السويداء: بين التفاؤل الحذر والرفض المحلي

غرفة الأخبار – نورث برس

أعلنت وزارة الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية عن طرحها "خارطة طريق" تتألف من ست خطوات بهدف معالجة الأزمة في السويداء. الخطة تحظى بدعم أميركي وأردني، وتشمل بنوداً مثل محاسبة المعتدين، وضمان تدفق المساعدات، وتعويض المتضررين، وترميم القرى، وإعادة الخدمات الأساسية، وكشف مصير المفقودين، بالإضافة إلى إطلاق مسار مصالحة داخلية بمشاركة أبناء المحافظة.

إلا أن هذه المبادرة قوبلت برفض من اللجنة القانونية العليا في السويداء، التي اعتبرت بيان الخارجية "محاولة للتنصل من المسؤولية وتكريساً لسياسة الإفلات من العقاب". وأكدت اللجنة أن أي حلول تُفرض من دمشق أو عبر تفاهمات خارجية "لن تكون ملزمة لأبناء السويداء"، مصرةً على حقهم الحصري في تقرير مصيرهم.

في المقابل، يرى خبراء أن الخطة تمثل مؤشراً على توافق إقليمي ودولي حول مستقبل المحافظة، ما يمنحها أهمية سياسية أكبر من المبادرات السابقة. وفي تصريح لنورث برس، قال بشير بدور، الحاصل على دكتوراه في العلاقات الدولية والدبلوماسية من دمشق، إن الخطة "تحمل أهمية خاصة لكونها المرة الأولى التي نشهد فيها توافقاً سورياً – أردنياً – أميركياً على خطة واضحة تتناول الوضع في السويداء".

وأضاف أن البنود المعلنة "تتطرق إلى قضايا إنسانية وسياسية معاً، من المحاسبة إلى المساعدات والتعويضات وإعادة الخدمات، وهي نقاط طال انتظارها من قبل المجتمع المحلي". لكنه شدد على أن التحدي يكمن في "آلية التنفيذ"، محذراً من أن أي خطوة لا تُتبع بإجراءات ملموسة على الأرض قد تفقد الخارطة مصداقيتها.

ويرى بدور أن نجاح الخطة يعتمد على توفر الإرادة السياسية من دمشق، وضمانات دولية تمنع تعطيلها، إضافة إلى مشاركة مجتمعية حقيقية من وجهاء السويداء ومؤسساتها المحلية.

من جانبه، وصف المحلل السياسي بسام السليمان خارطة الطريق بأنها "واضحة المهام، وفي حال نجاحها ستؤدي لشفاء هذا الجرح السوري الكبير". إلا أنه أشار إلى أن "أهم معوقات نجاحها هو الشيخ حكمت الهجري نفسه، لأنه يؤمن مظلة للمجرمين في السويداء"، معتبراً أن لجنة التحقيق التي نصت عليها الخارطة "ستُظهر للناس من يعيق أي عملية حل حقيقية".

أما المحامي والناشط السياسي عادل الهادي، فقد صرح لنورث برس من السويداء بأن "كل ما صدر عن هذا الاجتماع من بيانات أو خطوات لا يلزم السويداء بشيء، لكونها لم تكن ممثلة فيه، ولم يُعيَّن أي وفد أو شخصية من قِبل سماحة الشيخ حكمت الهجري أو اللجنة القانونية العليا". وأضاف أن الحكومة السورية "لا يمكن اعتبارها طرفاً محايداً، فهي بحسب تقارير دولية، الفاعل الأساسي في الجرائم والانتهاكات التي استهدفت أبناء الطائفة الدرزية".

وطالب الهادي بـ "إنشاء محاكم خاصة لمعاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم"، مؤكداً أن أي اتفاق لا يشارك فيه ممثلون مكلفون من الشيخ الهجري أو اللجنة القانونية "يُعتبر لاغياً ومرفوضاً، ومحاولة لشرعنة دور الحكومة وتلميع صورتها".

ويرى مراقبون أن الخطة تمثل فرصة لحل أزمة السويداء إذا طُبقت بشفافية، في حين يعكس الرفض القاطع من اللجنة القانونية العليا عمق أزمة الثقة مع دمشق، ويثير تساؤلات حول إمكانية تحويل "خارطة الطريق" إلى مسار فعلي يعالج جذور الأزمة في المحافظة.

إعداد: هارون العربيد/ عبدالسلام خوجه – تحرير: تيسير محمد

مشاركة المقال: