الأربعاء, 17 سبتمبر 2025 01:11 AM

خارطة طريق لحل أزمة السويداء: تفاصيل الاتفاق بين سوريا والأردن والولايات المتحدة

خارطة طريق لحل أزمة السويداء: تفاصيل الاتفاق بين سوريا والأردن والولايات المتحدة

أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في سوريا عن التوصل إلى خارطة طريق تهدف إلى حل الأزمة في محافظة السويداء. جاء هذا الإعلان عقب اجتماع ثلاثي في دمشق ضم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك.

يُعد هذا الاجتماع استكمالًا لمباحثات سابقة استضافتها العاصمة الأردنية عمان في 19 من تموز و12 من آب الماضيين. كان الهدف من هذه المباحثات تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء وإيجاد حلول للتوترات التي شهدتها المحافظة خلال الأشهر الماضية.

مبادئ أساسية

وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية والمغتربين السورية، تم اعتماد خارطة طريق تؤكد على أن السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا، وأن سكانها مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. وأشار البيان إلى أن إنهاء فجوة الثقة بين الحكومة والسكان يتطلب خطوات متدرجة لإعادة بناء الثقة ودمج المحافظة بالكامل في مؤسسات الدولة.

أكدت الدول الثلاث التزامها بالعمل المشترك من أجل استقرار سوريا ووحدتها وسيادتها، ودعم عملية سياسية شاملة بقيادة سورية تضمن مشاركة جميع المكونات وتعكس التعددية الاجتماعية، مع التركيز على مكافحة الإرهاب والتطرف وإنهاء الانقسامات المجتمعية.

خطوات عاجلة

تتضمن خارطة الطريق مجموعة من الإجراءات العاجلة، من أبرزها:

  • دعوة الحكومة السورية لجنة التحقيق الدولية المستقلة للتحقيق في الأحداث التي شهدتها السويداء ومحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات وفقًا للقانون السوري.
  • استمرار إدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى المحافظة بالتعاون مع الأمم المتحدة، وضمان عودة الخدمات الأساسية بدعم من الأردن والولايات المتحدة.
  • نشر قوات شرطية مؤهلة على طريق السويداء– دمشق لتأمين حركة المواطنين والتجارة، وسحب المقاتلين المدنيين من حدود المحافظة واستبدالهم بقوات نظامية.
  • دعم جهود الصليب الأحمر للإفراج عن جميع المحتجزين والمخطوفين واستكمال عمليات التبادل.
  • دعوة الأردن بالتنسيق مع الحكومة السورية وفدًا من المجتمعات المحلية في السويداء (الدروز والمسيحيون والسنة)، ووفدًا آخر من ممثلي العشائر البدوية في محافظة السويداء لاجتماعات للمساعدة في تحقيق المصالحة.
  • إعلان خطط لإعادة إعمار القرى والممتلكات المتضررة، مع مساعدة أردنية وأمريكية لتأمين التمويل اللازم.

كما نصت الخارطة على تعزيز سردية وطنية تقوم على الوحدة والمساواة، وتجريم خطاب الكراهية والطائفية عبر تشريعات جديدة، بدعم قانوني من واشنطن وعمّان.

ترتيبات أمنية وإدارية

تضمنت خارطة الطريق خطوات لإنشاء قوة شرطية محلية تضم جميع مكونات المجتمع في السويداء، على أن تكون بقيادة شخصية من أبناء المحافظة تعينها وزارة الداخلية، إضافة إلى تشكيل مجلس محافظة يمثل مختلف المكونات، يتولى التفاعل مع الحكومة وقيادة جهود المصالحة الوطنية.

كما أشارت إلى ضرورة استكمال إطلاق سراح جميع المحتجزين والمفقودين، وتعداد المفقودين وتحديدهم، وإدارة تدفق المساعدات، والتوافق على خارطة طريق للمصالحة بين الحكومة والمجتمعات المحلية.

أكد البيان ضرورة إنهاء التدخل الخارجي في محافظة السويداء، والتأكيد على الالتزام بأن المحافظة جزء لا يتجزأ من سوريا. وحث البيان على تسهيل الوصول إلى كل الأدلة التي تدعم عمل لجنة التحقيق، بما في ذلك الجثث وشهادات الشهود وكاميرات المراقبة في المناطق التي شهدت عمليات اقتتال، والتعاون مع الحكومة السورية ولجنة التحقيق المستقلة الدولية بشأن سوريا، لضمان المساءلة القانونية لكل من يثبت ارتكابه انتهاكات.

أوضح البيان أن الولايات المتحدة ستعمل بالتشاور مع الحكومة السورية على التوصل إلى تفاهمات أمنية مع إسرائيل بشأن الجنوب السوري، تراعي الشواغل الأمنية المشروعة للطرفين مع الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، بدعم من الأردن.

اتفق الأطراف الثلاثة على إنشاء آلية مشتركة لمراقبة تطبيق خارطة الطريق، في إطار احترام السيادة السورية بشكل كامل.

اختتمت الخارجية السورية بيانها بالتأكيد على أن هذا المسار يعكس إرادة مشتركة بين دمشق وعمّان وواشنطن للمضي قدمًا في معالجة الأزمة التي عصفت بالسويداء، وتثبيت استقرار الجنوب السوري على أسس وحدة الدولة السورية وحقوق مواطنيها.

تعزيز الصلح وتحقيق الاستقرار

وفي مؤتمر صحفي جمع كلًا من الشيباني والصفدي وبراك، قال وزير الخارجية السوري، إنه تم التوصل إلى خارطة طريق تكفل الحقوق وتدعم العدالة وتعزز الصلح المجتمعي وتفتح الطريق أمام تضميد الجراح، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا).

وزير الخارجية الأردني قال إن الأردن يريد لسوريا أن تستقر وتنهض وتعيد البناء بعد سنوات من الدمار والمعاناة التي عاشها الشعب السوري، والبدء بخطوات عملية نحو مستقبل مشرق لكل السوريين.

وأشار إلى أن الأحداث التي شهدتها السويداء مأساوية ولا بد من تجاوزها، مؤكدًا ضرورة محاسبة مرتكبي الانتهاكات وإيصال المساعدات الإنسانية.

واعتبر وزير الخارجية الأردني أن أمن جنوبي سوريا هو امتداد لأمن الأردن واستقراره ضرورة لاستقرارنا، وأدان الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وطالب بوقفها.

الصفدي اعتبر أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي تريد تقسيم سوريا، لأنها لا تريد لها أن تستقر، معبرًا عن رفض بلاده للتقسيم، مشيرًا إلى أن هذا ليس موقف الأردن وحده بل هو موقف عربي ودولي.

وأشار وزير الخارجية الأردني إلى أن سوريا الآمنة المستقرة هي ضمان لأمن واستقرار المنطقة.

المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، عبر عن التزام أمريكا بمساعدة الحكومة السورية، ودعم جهودها لتحقيق الأمن والاستقرار. وقال براك، تعاونَّا مع سوريا والأردن في التوصل إلى خارطة طريق حول السويداء، معتبرًا أن الحكومة السورية اتخذت خطوات عملية تضمن السلم الأهلي.

ومن وجهة نظر براك، فإن ‌‏الاستقرار في سوريا يتم بـالتعاون والتنسيق بين أبناء الوطن وهذا يتحقق ببناء الثقة والأمل والتسامح.

أحداث السويداء

بدأت أحداث السويداء في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة.

تدخلت الحكومة السورية في 14 من تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية.

في 16 من تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل فزعات عشائرية نصرة لهم.

وبعد ذلك، توصلت الحكومة السورية وإسرائيل إلى اتفاق بوساطة أمريكية، يقضي بوقف العمليات العسكرية.

مشاركة المقال: