يعيش "علاء"، البالغ من العمر 37 عاماً، مخاوف متزايدة بشأن مستقبله الوظيفي، خاصة بعد صدور قرار إعادة الموظفين الحاصلين على إجازة مأجورة، والذي تضمن بنداً يثير القلق بشأن تجديد عقود الموظفين غير المثبتين، حيث وضع شروطاً معينة للتجديد.
ينص أحد بنود القرار على "عدم تجديد العقود المؤقتة بعد انتهاء مدتها أياً كان نوعها إلا في ضوء الحاجة الماسة، وبموافقة الأمانة العامة للجمهورية السورية حصراً".
يعمل "علاء" في مؤسسة المياه منذ عام 2013، وكان عقده السنوي يتجدد تلقائياً. أمضى في عمله، الذي لم ينقطع عنه يوماً مع مناوبات أسبوعية، نحو 13 عاماً، ويخشى أن تذهب هذه السنوات سدى إذا لم يتم تجديد عقده نهاية العام الجاري، وفقاً لما صرح به لـ"سناك سوري".
"علاء" ليس الوحيد، فهناك العشرات من الموظفين الآخرين الذين لم تنصفهم حكومة النظام السابق بتثبيتهم، على الرغم من قيامهم بنفس الأعمال التي يقوم بها الموظفون المثبتون، ومطالبتهم بنفس الواجبات من التزام بالدوام وتحديد ساعات العمل والمناوبات، والفرق الوحيد هو افتقادهم للأمان الوظيفي.
تتوزع العقود في معظم مؤسسات الدولة، فهناك عقود لمدرسين ومدرسات في وزارة التربية، وكذلك في مديريات الصحة والمياه والكهرباء والاتصالات، وجميعهم أمضوا سنوات طويلة في عملهم.
معلمة في وزارة التربية معينة على نظام العقود قالت لـ"سناك سوري" إنهم كموظفي عقود كانوا يتحملون مسؤوليات مضاعفة، ويعانون أحياناً من عنصرية الموظف المثبت تجاههم، حيث يطلب إليهم أعمالاً إضافية لأنهم عقود ويمكن تسريحهم بأي لحظة، وبالتالي كانوا يضطرون "للمسايرة" بهدف الحفاظ على الوظيفة، على حد تعبيرها.
الاتصالات تستعد لفصل العقود
عقب صدور قرار إلغاء الإجازة المأجورة الذي تضمن عدم التجديد للعقود، أصدرت الشركة السورية للاتصالات قراراً يقضي بتمديد الإجازات المأجورة الممنوحة للعاملين المتعاقدين في الشركة لمدة شهرين اعتباراً من اليوم.
ونصّ القرار أيضاً على تكليف الإدارة التنفيذية إخطار العاملين الممنوحين الإجازات المأجورة مع نهاية مدة الإخطار المنصوص عليها في نظام العمل والعاملين النافذ في الشركة، لعدم حاجة الشركة لخدماتهم.
بارقة أمل من اتحاد العمال!
بينما يعيش موظفون مثل "علاء" وزملاءه في مؤسسات الدولة هواجس فقدان عملهم بعد سنوات طويلة من الخدمة، يخرج رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال فواز الأحمد ليؤكد أن الاتحاد، وبالتعاون مع الفريق الحكومي، يسعى إلى المطالبة بتثبيت العاملين وفق نظام العقود ممن أمضوا خمس سنوات في وظائفهم، والذين يشكّلون نحو 20 بالمئة من العاملين في الدولة.
الأحمد أضاف في تصريح نقلته "الوطن" أن نحو 27 ألف عامل كانوا قد حصلوا على إجازة مأجورة، جرى إعادتهم إلى عملهم بموجب قرار صادر عن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أن القرار جاء نتيجة مطالبات متكررة من اتحاد العمال.
وأكد رئيس الاتحاد أن "كل عامل لديه مظلمة يحق له تقديم شكوى في النقابات الفرعية"، في إشارة إلى أن أبواب النقابات مفتوحة أمام شكاوى العقود المؤقتة الذين يعتبرون أنفسهم الحلقة الأضعف في سوق العمل.
أنواع عقود العمل في سوريا
تبرز في القطاع العام 3 أنواع رئيسية من عقود العمل، الأول سنوي ويعامل معاملة المثبتين وكان يضمن الاستمرارية، والثاني 6 أشهر غالباً ماكان يتجدد تلقائياً كما العقد السنوي، والثالث 3 أشهر، وهو عقد موسمي لا يمكن تجديده.
بين قرارات حكومية تزيد هشاشة العقود ووعود نقابية ما زالت قيد المطالبة، يبقى العاملون على نظام العقود في انتظار خطوات ملموسة تضع حداً لحالة القلق وعدم الاستقرار التي يعيشونها اليوم.