دمشق-سانا – أكد القاضي المستشار جهاد الدمشقي، رئيس اللجنة المركزية المختصة بدراسة أوضاع العاملين المفصولين من الدولة منذ عام 2011، أن معالجة هذا الملف تمثل أولوية وطنية. وكشف أن عدد المفصولين تعسفياً يبلغ نحو 80 ألف عامل، تقدم منهم حوالي 75 ألفاً بطلبات لإعادة العمل.
في لقاء خاص مع سانا، أوضح القاضي جهاد أن معالجة أوضاع المفصولين تعسفياً تعتبر جزءاً من مسار العدالة الانتقالية الذي تعمل عليه الدولة، مشيراً إلى وجود خطة شاملة لجبر الضرر وتحقيق الإنصاف، وقد وصلت إلى مراحلها النهائية.
وأضاف أن اللجنة تعمل برؤية إنسانية وقانونية متكاملة لضمان إنصاف المتضررين، مع الحرص على تحقيق التوازن بين متطلبات العدالة والإمكانيات المتاحة، وبما يمنع استغلال هذا الإجراء من قبل غير المستحقين بموجب القرار /455/ الخاص بتشكيل اللجنة.
وأشار القاضي جهاد إلى أن اللجنة وضعت نظاماً مرناً يشمل جميع الفئات دون استثناء، وسيُمنح المفصولون تعسفياً مهلة لا تقل عن ثلاثة أشهر لتجهيز أنفسهم للعودة إلى الوظيفة، مما يتيح للمقيمين خارج البلاد تقديم طلباتهم عبر ممثلين قانونيين أو أقارب حتى الدرجة الرابعة.
كما أكد أن اللجنة تدرس كل حالة على حدة بمهنية عالية، مع ضمان احتساب فترة الانقطاع ضمن المدة المؤهلة للتقاعد، حفاظاً على حقوق العاملين وكرامتهم. وأوضح أن الفصل التعسفي يشمل عدة أوجه، كالصرف من الخدمة أو بحكم المستقيل أو التسريح التأديبي، مشدداً على أن العدالة الانتقالية تتجاوز استعادة الوظيفة إلى تعويض المعاناة واستشراف مستقبل أفضل.
وذكر القاضي جهاد أن جمع الوثائق وبناء قاعدة البيانات واجه تحديات، نظراً لتراكم الملفات وتغير المراكز القانونية للعاملين، كوفاة بعضهم أو بلوغهم سن التقاعد أو سفرهم. وأشاد بالإرادة الوطنية التي ساهمت في تجاوز هذه التحديات وإكمال البيانات بنسبة شبه كاملة، مثنياً على تعاون وزارة التنمية الإدارية.
وأوضح أنه من الناحية الشكلية، يعتبر الموظف بحكم المستقيل إذا تغيب عن عمله لمدة 15 يوماً، لكن التحدي يكمن في معرفة السبب الحقيقي للغياب، كالاعتقال أو الالتحاق بصفوف الثورة. ولذلك، وُضعت آلية لدراسة الموضوع لضمان إنصاف المستحقين ومنع استغلال الأمر من قبل غير المستحقين.
وكشف عن تشكيل لجان فرعية في المحافظات لدراسة الطلبات والوثائق، تتكون من قضاة وخبراء إداريين وقانونيين، وقد تحتاج اللجنة لمقابلة الموظف المعني، مؤكداً توفر الإمكانيات لإثبات الحقوق، خاصة في ظل وجود مشاكل في توثيق الوقائع.
وأفاد القاضي جهاد بأن اللجنة تضع اللمسات الأخيرة على دراسة شاملة لأوضاع المفصولين تعسفياً، ليتم إقرارها بمرسوم أو قانون يضمن تنفيذ توصياتها وتطبيقها الأمثل، مؤكداً أن النتائج ستلبي طموحات الجميع. وأشار إلى أن القاعدة العامة ستُعامَل على أساسها جميع العاملين المعنيين لإعادتهم إلى العمل، مع مراعاة أوضاع المتضررين في آليات المعالجة، كاحتساب فترة الفصل خدمة مؤهلة للتقاعد، مع وجود أثر مالي رجعي تتحمله الدولة.
وأشار رئيس اللجنة إلى أن العاملين الذين التحقوا بحكومة الإنقاذ ستتم معالجة أوضاعهم من خلال قانون الخدمة المدنية الذي سيصدر قريباً، لدمج جميع العاملين بقانون واحد. كما أكد أن العاملين المدنيين في وزارتي الدفاع والداخلية مشمولون بقرار اللجنة، وسيتم دراسة أوضاعهم ومعالجة حالاتهم.
وحول عودة بعض المفصولين إلى الوزارات والجهات العامة، أوضح أنه تمت إعادة عدد منهم بشكل مؤقت لسد النقص، ريثما يتم صدور الآلية العامة لمعالجة الأوضاع القانونية للجميع.
يذكر أن اللجنة المركزية المختصة بدراسة أوضاع العاملين المفصولين من الدولة شُكّلت برئاسة قاضٍ من مجلس الدولة وعضوية ممثلين عن جهات حكومية ونقابية مختلفة.