الجمعة, 5 سبتمبر 2025 12:50 AM

تقرير يكشف: الأسد وروسيا استهدفا البنية التحتية السورية بسياسة ممنهجة

تقرير يكشف: الأسد وروسيا استهدفا البنية التحتية السورية بسياسة ممنهجة

نشر “المركز السوري للعدالة والمساءلة” تقريرًا بعنوان “هجمات الحكومة الوحشية على البنية التحتية الحيوية”، يوثق فيه جزءًا من الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري السابق وروسيا ضد البنية التحتية وحياة المدنيين في سوريا.

التقرير، الذي صدر اليوم الخميس 4 أيلول، يوضح كيف حولت هجمات النظام السوري السابق وروسيا البلاد إلى مكان يفتقر إلى المدارس والمستشفيات والكهرباء ومحطات المياه، وحتى المساكن لآلاف العائلات التي تسعى جاهدة لإعادة بناء ما دمر.

ويؤكد المركز أن حجم الدمار لم يكن عرضيًا، بل كان سياسة متعمدة تهدف إلى جعل الحياة مستحيلة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السابق، في صورة عقاب جماعي للسكان.

يتزامن هذا التقرير مع مناقشات دولية حول إعادة الإعمار ورفع العقوبات، في وقت يواجه فيه السوريون العائدون أو الزائرون تردي الخدمات والإسكان في بلادهم.

وقال مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، لعنب بلدي، إن التقرير يوفر بيانات تدعم التحقيقات في استهداف البنية التحتية في سوريا.

وأضاف أنه على الرغم من فرار معظم المسؤولين رفيعي المستوى، فإن العديد من المتورطين في هذه الجرائم ما زالوا في سوريا، ويجب على الحكومة السورية الحالية محاسبتهم، مع إمكانية ملاحقة آخرين في أوروبا.

وفيما يتعلق بمساهمة التقرير في جبر الضرر وإعادة الإعمار، أوضح العبد الله أن حكومة الأسد والقوات الروسية تتحملان المسؤولية عن أغلبية الهجمات، لكن من غير المرجح أن تدفعا تعويضات.

وشدد على الحاجة الملحة لتقديم مساعدات لإعادة الإعمار في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط في دمشق، لتمكين السوريين من العودة إلى ديارهم بتوفير الخدمات الأساسية.

آلاف الأدلة تكشف سياسة ممنهجة

اعتمد التقرير على أرشيف ضخم من المقاطع المصورة والبيانات التي جمعها “المركز السوري للعدالة والمساءلة” خلال سنوات النزاع.

فقد فحص محققو “المركز السوري للعدالة والمساءلة” أرشيفهم الذي يضم أكثر من مليوني مقطع فيديو متعلق بالنزاع السوري، وتمكنوا من تحديد أكثر من ستة آلاف مادة توثق هجمات على البنية التحتية الحيوية.

ومن بين هذه المواد، تحقق المحققون من ارتباط مئات الأدلة بهجمات على بنى تحتية مدنية شنتها الحكومة السورية السابقة وروسيا، وحدد التحقيق وقوع 94 هجمة على بنى تحتية ومنشآت حيوية.

ورغم أن التقرير ركز على أربع هجمات رئيسة في إدلب، فإن الأدلة تشير إلى أن المئات من الهجمات المماثلة وقعت في أنحاء متفرقة من البلاد.

استهداف للخدمات الأساسية

يخلص التقرير إلى أن القوات السورية والروسية استهدفت بانتظام منشآت مدنية تمثل العمود الفقري للحياة اليومية، مثل مستودعات الوقود، والمداجن، ومحطات ضخ وتعقيم المياه، ومصافي النفط المحلية، والأسواق، والمخابز.

وجعلت هذه الهجمات الحياة اليومية للسكان مستحيلة، ودفعت آلاف العائلات إلى النزوح القسري، ويمثل ذلك هجمات ممنهجة سعت لتهجير السكان المدنيين وتعطيل حياتهم اليومية.

وكمثال على ذلك، استُهدف سوق الوقود في بلدة معارة النعسان في إدلب عام 2015 بثلاث ضربات متتالية، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير السوق بالكامل.

انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب

من منظور القانون الدولي الإنساني، تُعدّ اللوازم الضرورية لبقاء السكان المدنيين محمية بشكل صريح، ويحظر الهجوم على المواد والمنشآت الحيوية لبقاء المدنيين، بما في ذلك المحاصيل والماشية ومصادر المياه.

ووفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر، تشمل هذه الحماية أيضًا الأسواق ومحطات الطاقة، وحتى أنظمة الكهرباء التي تمثل شرطًا أساسيًا لتوفير الغذاء والمياه.

ما وثقه التقرير من هجمات على هذه المنشآت يضعها في خانة الانتهاكات الجسيمة التي تعتبر جرائم حرب، ويشير التقرير أيضًا إلى ما يُعرف بـ”تعديل التجويع” الذي أُضيف عام 2021، والذي يجرّم استخدام الحرمان من المواد الأساسية كوسيلة في النزاعات غير الدولية.

وتعني هذه الأبعاد القانونية أن ما حصل في سوريا كان ممارسات منهجية تفتح الباب أمام ملاحقات قضائية مستقبلية بحق المسؤولين عنها، سواء في المحاكم الدولية أو في إطار مبدأ الولاية القضائية العالمية.

إعادة الإعمار مرتبطة بالمساءلة

في الوقت الذي يناقش فيه المجتمع الدولي رفع العقوبات عن سوريا وفتح مسارات لإعادة الإعمار، يذكر التقرير بحقيقة لا يمكن تجاوزها، وهي أن إعادة البناء تتطلب عدالة ومساءلة عن الجرائم التي دمرت هذه المنشآت أصلًا.

ويشدد “المركز السوري للعدالة والمساءلة” على أن جهود إعادة الإعمار يجب أن تترافق مع ضمانات للمحاسبة، كي لا تتحول عملية إعادة البناء إلى مكافأة غير مباشرة للمتورطين في التدمير.

ويظهر الواقع الميداني أن مناطق بأكملها في حلب وحمص وريف دمشق ما زالت غير صالحة للعيش، ما يجعل الحديث عن “عودة آمنة وكريمة” للنازحين واللاجئين أمرًا بعيد المنال دون معالجة حقيقية للانتهاكات.

“هيئة العدالة” تنسق مع “الإنتربول” لتسليم مجرمي الحرب في سوريا
جرائم الأسد في ملايين الوثائق.. متى تبدأ المحاسبة؟
مشاركة المقال: