من دمشق إلى حوران وصولاً إلى اللاذقية، يظل اسم الطبق ثابتاً: "الشاكرية". إلا أن المذاق يختلف بلمسات بسيطة تعكس هوية كل منطقة. ورغم التباين في المكونات، تتفق جميع الوصفات على الفكرة الأساسية، وهي قدر شاكرية يجمع العائلة حول مائدة واحدة.
سناك سوري-خاص
"أمينة"، سيدة تبلغ من العمر 48 عاماً من جديدة عرطوز، تقول لـ"سناك سوري" إن الشاكرية طبق أساسي في التجمعات العائلية، خاصة في شهر رمضان، وغالباً ما تُعدّ في فصل الشتاء. حيث يُسلق اللحم (ويفضل لحم الموزات) مع قطع "اللية"، وتضاف إليه الباقة العطرية. وفي قدر آخر، توضع حبات البصل الصغيرة كاملة وتشوح بالسمن، ثم يضاف إليها اللبن المغلي.
توضح "أمينة" أن اللحم والدهن هما المكونان الرئيسيان للطبخة، التي تقدم مع البرغل بالشعيرية أو الأرز بالشعيرية، أو كليهما ليختار كل شخص ما يفضله. وتشير إلى أنها تضيف الطرخون أيضاً إلى الطبق.
تكشف "أمينة" عن سر في وصفتها، وهو إضافة رشة صغيرة من ملح الليمون إذا كان اللبن الرائب حلواً، فالنكهة الحامضة تضفي على الطبخة مذاقاً مميزاً. ويفضل البعض إخراج اللبن من الثلاجة قبل يوم من الطبخ للتأكد من حموضته الطفيفة.
البطاطا.. إضافة في حوران
في حوران، تروي "أم ياسر" أن الطريقة تختلف قليلاً عن الطريقة الشامية، حيث تضاف قطع البطاطا إلى الشاكرية، ويطلق عليها اسم "الشاكرية الحورانية". وتنصح الجميع بتجربتها، فهي تمنح الطبق مذاقاً رائعاً، ويمكن أن تكون وجبة كاملة دون الحاجة إلى طبخ الأرز بالشعيرية بجانبها.
أما في محافظة اللاذقية، فيستبدل لحم الضأن والدهن بقطع السفن (صدر الدجاج)، كما تقول عفاف، وتضيف لـ"سناك سوري" أن اللحم مرتفع الثمن جداً، وترى أن نكهة الدجاج ألذ وأخف.
تسلق "عفاف" قطع السفن مع عدة ورقات من الغار، وتضيفها إلى اللبن المغلي مع قليل من البصل المفروم ناعماً. وعند النضج، تضيف إليها "التقلية"، وهي عبارة عن ثوم مهروس مع السمن وقليل من النعنع اليابس، ثم يصبح الطبق جاهزاً.
تشترك الطرق الثلاث في إضافة البيض والنشا إلى اللبن لجعل قوامه أكثر كثافة.
على اختلاف المكونات، يحتفظ الطبق بمكانته كرمز للكرم والتآلف العائلي. وبين من يفضل النعنع أو البطاطا أو البرغل، تظل الفكرة الأهم هي أن المائدة لا تكتمل إلا بوجود الجميع حولها. وهكذا تتحول الشاكرية من وصفة غذائية إلى رمز صغير يجسد القواسم المشتركة بين السوريين، مهما تباعدت مناطقهم أو تنوعت تفاصيل مطابخهم.