الخميس, 30 أكتوبر 2025 08:06 PM

ليلة في باب شرقي: كيف كسرت صديقات سوريات حواجز الخوف في دمشق

ليلة في باب شرقي: كيف كسرت صديقات سوريات حواجز الخوف في دمشق

الساعة العاشرة مساءً بتوقيت دمشق، أنهيت استعداداتي للخروج مع ثلاث صديقات من دير الزور، ريف دمشق، وطرطوس. بتشجيع منهن، تغلبت على مخاوفي، أنا القادمة من اللاذقية. وجهتنا كانت باب شرقي. قررنا الخروج معًا في سيارة أجرة واحدة، لأكسر حاجز الخوف. هنا في دمشق، كل شيء مختلف، حتى الأمان، لأول مرة أشعر بحرية من نوع خاص!

سناك سوري-غريبة في دمشق

وصل سائق التاكسي الذي طلبناه عبر تطبيق توصيل. كان شابًا نحيلًا في الثلاثينيات من عمره، يرتدي زيًا رسميًا أبيض. همسنا بتعجب: "سائق تاكسي ببدلة رسمية!" خلال الطريق من شارع الحمرة إلى باب شرقي، سألنا السائق: "لهجاتكن مختلفة، من أين أنتن؟" أخبرناه، فابتسم ابتسامة عفوية وقال: "يا الله، من زمان ما حسيت بهيك راحة".

تبادلنا الذكريات طوال الطريق. سائق التاكسي الدمشقي لديه أصدقاء وذكريات رحلات سابقة إلى اللاذقية. تحدث كثيرًا، ولم يترك لنا مجالًا. وعندما وصلنا، أخبرنا بأنه شعر بألفة غريبة، وكأن سوريا كلها كانت معه في السيارة، على حد تعبيره.

أتجاوز مخاوفي قليلاً، أنا القادمة من اللاذقية، بتشجيع منهنّ… سأكسر حاجز الخوف قليلاً.

في المقهى، كانت الحياة نابضة بكل تفاصيلها، وهو أمر لم أشهده منذ آذار الماضي، تفاصيل أفتقدها في مدينتي. مر الوقت سريعًا، لكن صديقتي من ريف دمشق أرادت العودة مبكرًا لضمان العثور على سيارة، وأنا أردت الذهاب إلى الفندق والنوم بعد يوم عمل طويل في ورشة التدريب التي جمعتنا في العاصمة.

مقالات ذات صلة

  • الأربعاء, 29 أكتوبر 2025, 12:46 م
  • الثلاثاء, 28 أكتوبر 2025, 1:15 م

خرجنا معًا، وطلبت من صديقتي أن توصلني. وافقت على الفور. جاء سائق تاكسي آخر، تفحصناه وأدركنا أنه من النوع "يلي ما بيخوف". كان هناك شيء يبعث على الطمأنينة. طلبت من صديقتي النزول بالقرب من وجهتها، وحين نزلت قالت للسائق: "هي بأمانتك". فأجاب: "بعيوني".

سألني السائق: "خايفة؟" شعرت ببعض التوتر، لكنني نفيت. سألني: "من الساحل؟" أجبته بنعم. قال: "نحن أخوة، لا تقلقي". ثم بدأ يحكي لي أنه سوري فلسطيني، خرج من دوما نازحًا قبل سنوات، واستقر في دمشق. لديه طفلة وزوجة، ويعمل سائق تاكسي وفي مكتب عقاري على الهاتف، وعمل ثالث لم أعد أذكره. قال: "بدنا نعيش". وأجبته: "كلنا نعمل لساعات طويلة". يبدو أننا مهما اختلفنا وانقسمنا، يأتي الفقر والتعب ليكون قاسمًا مشتركًا يجمعنا من حيث لا ندري.

يبدو أننا مهما افترقنا وانقسمنا، يأتي الفقر والتعب ليكون قاسماً مشتركاً يجمعنا من حيث لا ندري.

وصلت إلى الفندق في تمام الساعة 12:15 بعد منتصف الليل. كانت الحياة في الخارج لا تزال مزدحمة، وكنت مطمئنة لدرجة أنني نمت بعمق لأول مرة منذ فترة طويلة. في صباح اليوم التالي، حان موعد العودة إلى اللاذقية. أمسكت هاتفي وطلبت سيارة من التطبيق. "سنتافيه واسم السائق". ضحكت لدرجة أن الناس في الشارع بدأوا ينظرون إلي، وأنا أحدث نفسي: "ماهي فرص أن تطلب ابنة الساحل سيارة ويطلع سنتافيه وتبقى بكامل قواها العقلية؟".

شاركت الصورة مع صديقاتي وضحكنا، لكني كنت مطمئنة مجددًا. ذكريات اليوم السابق منحتني الأمان والحلم بسوريا تشبه أبنائها.

في تلك الليلة، لم نكن أربع شابات فقط نبحث عن سهرة هادئة في شوارع دمشق. كنا نعيد اكتشاف بلدنا من خلال بعضنا، نكسر حواجز الخوف بالصداقة، ونستبدل التوجس بالثقة. لا شيء يوحد الناس أكثر من لحظة صدق، أو ابتسامة من سائق غريب يقول لك: (نحن إخوة، لا تقلقي). ربما لا نملك حلولًا كبرى، لكننا نملك هذا أن نلتقي، ونصغي، ونمنح بعضنا شعورًا بسيطًا بالأمان، وهذا، في بلدنا، هو شكل من أشكال السلام.

مشاركة المقال: