أوصت ورشة العمل التي نظمتها وزارة الزراعة في سوريا حول إدارة مكافحة الحرائق، بتشكيل لجنة تنفيذية من الكوادر الفنية المختصة في الوزارة. وتهدف اللجنة إلى دراسة الطروحات والمناقشات المقدمة خلال الورشة وتقييمها بدقة، بهدف وضع خطة منهجية قابلة للتنفيذ الفوري بعد تشكيل اللجنة ووضع الأجندة قيد التطبيق.
ركزت محاور الورشة، التي عقدت في مبنى الوزارة بدمشق، على إعادة تأهيل المناطق السورية المحروقة مؤخراً وفق الأسس العلمية الصحيحة، وسبل الحفاظ على مكونات النظم البيئية الأساسية، والتحديات والمشاكل التي تواجه القطاع الزراعي في مجال الحراج وإدارة الغابات قبل الحريق.
كما تناولت الورشة إستراتيجيات حماية التربة بعد الحريق وتأثيراتها، والخريطة التفاعلية لإدارة الحريق، وسبل إدارة الغابات بعد الحريق وتأهيل المواقع المحروقة، والإجراءات المتخذة خلال مراحل إدارة الحرائق، والحلول المقترحة لتلافي الأضرار الناجمة عن الحرائق في سوريا.
وزير الزراعة: جهود فعالة رغم الصعوبات
استعرض وزير الزراعة الدكتور أمجد بدر الجهود المبذولة من قبل فرق الوزارة في مكافحة الحرائق بالتعاون مع الفرق الأخرى والمجتمع الأهلي، وما نتج عنها من تضرر لمساحات واسعة في أرياف اللاذقية وحماة وإدلب. وأشار إلى وجود تحديات فنية تتعلق بقلة الإمكانيات والمعدات اللازمة للاستجابة السريعة لمكافحة الحرائق، وعدم القدرة على الوصول إلى بعض المناطق ذات التضاريس الصعبة. وثمّن دور المجتمع المحلي في التعاون مع الفرق المتخصصة لوقف تمدد الحرائق.
مداخلات المشاركين
قدم المشاركون في الورشة عرضاً عن واقع المساحات المتضررة والتأثيرات على التربة الزراعية والغطاء النباتي الحراجي والزراعي، ومكونات النظم البيئية الاجتماعية، بناءً على المسح الميداني للفرق المتخصصة والخرائط المنتجة من الصور الفضائية. وبينوا أهمية تأسيس مركز معلومات رقمي تفاعلي لتحميل المعلومات والمنتجات الرقمية، بما يخدم خطة العمل الحراجي، ويتضمن مساحات الغابات، وأنواع الأغطية النباتية، وشبكة الطرق وخطوط النار، والمصادر المائية، ومواقع أبراج المراقبة، وجاهزية مراكز الإدارة والإطفاء.
كما لفتوا إلى أهمية وجود نظام إنذار مبكر فعال واستشعار عن بعد لتحديد إحداثيات نشوب الحرائق، ورصد التغيرات في الغطاء النباتي، ومراقبة جودة المياه والتربة، وضرورة إجراء دراسات موسعة عن المناطق المعرضة للحرائق، وتحديد أماكن تدهور الأراضي نتيجة للانجراف المائي وتوصيفه وتحديد درجات خطورته بالاعتماد على تقانات نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والاستشعار عن بعد (RS)، وأهمية استخدام مؤشر نسبة الحرائق الـ(NBR) لمتابعة الحرائق ومعرفة تأثيراتها في البيئة.
وناقشوا سبل تطوير البنك الوراثي للأنواع الحراجية، وتأهيل الكوادر الفنية الحراجية وخاصة في مجال المحميات، والتخفيف من انجراف تربة الغابات المحروقة، وأسس اختيار مواقع خطوط النار، ومسارات الوصول لتسهيل عمل الفرق المتخصصة، وتنفيذ سدات مائية ووضع مصادر مائية قريبة من مناطق عدة، وخاصة ذات التضاريس الصعبة.
البحوث الزراعية: مشروع متكامل يمثل خطة للوزارة
أكد مدير الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية الدكتور أسامة العبدالله أن اللجنة التي سيتم تشكيلها ستصل إلى مشروع متكامل يمثل خطة للوزارة في كيفية إدارة الحرائق، واتخاذ إجراءات عملية تنفيذية على أرض الواقع بالإمكانيات المتاحة لتخفيف نسبة حدوث الحرائق، مشيراً إلى أن ما تم تقديمه في الورشة من بيانات دقيقة عن المساحات المتضررة من الحرائق يعد إطاراً مهماً للخروج بحلول لتخفيف الأضرار وتجاوز العقبات خلال إدارة مراحل الحريق.
بدوره أكد مدير الأراضي في وزارة الزراعة الدكتور فراس الغماز أهمية العمل على إستراتيجيات حماية التربة بعد الحريق، وتوفير المستلزمات الأساسية للحفاظ على الثروة الحراجية، من دعم للنقاط الحراجية، وتزويدها بالإمكانيات اللازمة، ووضع خزانات مياه في المناطق المرتفعة صعبة الوصول، وإجراء مراقبة دورية للأراضي تحسباً من اندلاع الحرائق.
مدير إدارة بحوث الموارد الطبيعية في هيئة البحوث الزراعية الدكتور محمد منهل الزعبي لفت إلى أن مراكز أبحاث معلومات الحراج تعد من الركائز المهمة لتقديم بيانات دقيقة عن خرائط المناطق المتضررة وغير المتضررة، والنباتات والأشجار الحراجية الموجودة، ووضع قوائم حمراء تدعم المخزون الحراجي المعرض للانقراض، مبيناً أن هذه المحاور التي قدمت في الورشة يمكن أن تقدم حلولاً للحد من الأضرار الناجمة عن الحرائق المندلعة مؤخراً.
وتشكل الحرائق حالياً جزءاً رئيساً من أجندة الوزارة في اجتماعاتها المستمرة، والاتفاقيات التي توقعها، والجولات التي تجريها كوادرها في المناطق المتضررة، وقد سبق هذه الورشة مناقشة سبل تطوير القطاع الزراعي، والتخفيف من أضرار الحرائق والتغيرات المناخية، وذلك ضمن ورشة عمل في 13 تموز الماضي، بمشاركة المنظمات الدولية العاملة في القطاع الزراعي، لتحديد أولويات التدخل المرحلي، والتحديات القائمة واقتراح آليات لمعالجتها.