الجمعة, 8 أغسطس 2025 04:49 PM

جفاف يضرب طرطوس: مزارعون يشكون الإهمال والموارد المائية تعد بخطة لدعمهم

جفاف يضرب طرطوس: مزارعون يشكون الإهمال والموارد المائية تعد بخطة لدعمهم

تعاني محافظة طرطوس، على غرار مناطق سورية أخرى، من جفاف حاد أثر سلبًا على القطاع الزراعي، ما أثار استياء المزارعين الذين يعانون من نقص المياه وغياب الدعم الضروري لمواجهة هذه الأزمة. ويؤكد المزارعون أن الخدمات المقدمة لا تلبي سوى نسبة ضئيلة من احتياجاتهم الفعلية، مشيرين إلى وجود تقصير في إدارة الموارد المائية، وغياب الدعم الفعلي، وتجاهل من الجهات المعنية.

الجفاف شامل والمزارع وحيد في مواجهة المحنة

أوضح المزارع عبد الله أحمد لمنصة إخبارية قائلاً: "الجفاف هذا العام يطال جميع أنحاء سوريا، ولا يقتصر على منطقة معينة. وما تقدمه الموارد المائية لا يفي حتى بخمسة بالمئة من احتياجات محافظة طرطوس. وأرى أن إدارة الموارد المائية غير سليمة."

وأضاف: "قنوات الري من السدود مهملة، والآبار الجوفية تعاني من الإهمال، وهناك هدر كبير للمياه، مما يؤثر بشكل مباشر على المزارع ومحاصيله."

وأشار: "أمتلك بئرًا ارتوازيًا، والمياه متوفرة فيه، ولكنني لا أستطيع الاستفادة منها لعدم قدرتي على تركيب ألواح طاقة شمسية، فهي مكلفة جدًا، ولا يوجد أي تمويل لهذا المشروع."

وتابع: "أضطر لري أرضي عبر صهاريج مأجورة ومكلفة، ولا تكاد تكفي. أملك أكثر من عشرين شجرة مثمرة، ومع ذلك أعيش على حافة الخسارة."

ولفت أحمد إلى غياب اتحاد الفلاحين عن المشهد، بالإضافة إلى عدم وجود أي منظمات أو جهات رسمية أو غير رسمية تتفقد أحوالهم وتتعرف على احتياجاتهم. واختتم حديثه بمناشدة المسؤولين: "الدعم الزراعي الحقيقي يكون بتسهيل القروض، وتوفير الطاقة، وضمان وصول المياه إلى الأرض. أما الآن، فالواقع يقول إن المزارع وحيد في معركته ضد الجفاف."

الموارد المائية: خطة واسعة قادمة

في المقابل، أكد محمد محرز، مدير الموارد المائية في طرطوس، في تصريح لمنصة إخبارية، أن الوضع المائي يُدار بحذر، وأن هناك جهودًا مكثفة لدعم المزارعين في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

وأشار إلى أن المديرية تعمل ضمن "مشروع تأهيل الآبار الجوفية"، بالتنسيق مع اتحاد الفلاحين، على تنفيذ أعمال تعزيل الآبار العربية في منطقة عين خضر – المنطار، وذلك "في إطار جهودها المستمرة لدعم الواقع الزراعي ومساعدة المزارعين على تجاوز تحديات الجفاف."

وأوضح محرز أن المشروع يستهدف تعزيل 30 بئرًا عربيًا في المنطقة، وقد تم حتى الآن الانتهاء من تعزيل 20 بئرًا، مع استمرار العمل بوتيرة جيدة لاستكمال البقية.

وعن آلية استفادة المزارع من هذه الخطة، ذكر محرز أن: "الآبار المعزّلة تُسهم في تجميع المياه الراشحة من الطبقات الأرضية والينابيع المجاورة، ليُعاد ضخّها إلى الأراضي الزراعية عبر مضخات تُركّب خصيصًا لهذا الغرض، مما يدعم تأمين المياه في ظل ظروف الجفاف."

وأشار إلى أن: "على المزارع تقديم طلب إلى الجمعية الفلاحية في منطقته، ثم يُحوّل إلى اتحاد الفلاحين في المحافظة، حيث يتم دراسة الطلب بالتنسيق مع مديرية الموارد المائية لتحديد إمكانية التنفيذ."

وأعلن محرز عن خطة طموحة للتوسع قائلاً: "هناك خطة شاملة لتوسيع أعمال تعزيل الآبار الجوفية لتشمل مناطق زراعية أخرى في سهل عكار، ومن ضمنها: – عرب الشاطئ – الحميدية – الخرابة – بني نعيم – الجماسة – سمريان – الشيخ جابر"

وأضاف: "نسعى من خلال هذه الخطة إلى تأمين مصادر ري إضافية ومستدامة تخدم أكبر عدد ممكن من المزارعين في المحافظة، ونأمل أن تساهم هذه المشاريع في تخفيف الأعباء عن كاهلهم."

مفارقة بين الواقع والوعود

على الرغم من التصريحات الرسمية المتفائلة، لا تزال الفجوة كبيرة بين ما يرويه المزارع العادي مثل عبد الله أحمد، وما تقدمه الإدارات المحلية. فبينما تتحدث الموارد المائية عن "خطة شاملة" و"توسع مستقبلي"، يعيش المزارع اليوم على حافة الإفلاس، ويدفع مبالغ طائلة لري أرضه بصهاريج مأجورة، بينما بئره الارتوازي غير مستغل بسبب غياب دعم الطاقة الشمسية.

كما أن غياب اتحاد الفلاحين عن الميدان، كما يشكو الأحمد، يثير تساؤلات حول فاعلية هذه الهيئات في تمثيل المزارعين ونقل احتياجاتهم إلى صناع القرار.

دعم نظري ومعاناة فعلية

يرى المزارعون، ومن بينهم المزارع عبد الله أحمد، أن الحل لا يكمن في تعزيل آبار هنا وهناك، بل في إعادة هيكلة كاملة لإدارة الموارد المائية، ودعم حقيقي للمزارع عبر تمويل مشاريع الطاقة الشمسية، وتبسيط إجراءات القروض، وتفعيل دور اتحاد الفلاحين. إذ لا يمكن مواجهة الجفاف بمشاريع جزئية، ما لم تكن هناك إرادة حقيقية لإنقاذ المزارع السوري من الانهيار.

مشاركة المقال: