الأربعاء, 19 نوفمبر 2025 09:52 PM

تحديات الري والأعلاف تعيق انتعاش الزراعة والثروة الحيوانية في دير الزور

تحديات الري والأعلاف تعيق انتعاش الزراعة والثروة الحيوانية في دير الزور

على الرغم من موقعها الجغرافي المتميز على ضفاف نهر الفرات وامتلاكها آلاف الهكتارات الصالحة للزراعة، يواجه القطاع الزراعي والحيواني في ريف دير الزور الشرقي سلسلة من التحديات التي تعيق تعافيه.

أدى الإهمال المتراكم في البنية التحتية خلال السنوات الأخيرة إلى تدهور الوضع، مما يهدد سبل عيش السكان المحليين ويضعف قدرتهم على المساهمة في الأمن الغذائي.

أوضح الناشط المدني مالك عبيد، من سكان ريف دير الزور الشرقي، أن تدهور أنظمة الري يمثل أحد أبرز العوائق أمام النهوض بالزراعة. وأشار إلى أن معظم المزارعين ما زالوا يعتمدون على قنوات توزيع تقليدية متهالكة تفتقر إلى الصيانة الدورية وتشهد هدراً كبيراً في المياه، في ظل غياب شبه تام لأنظمة الري الحديثة كالتنقيط أو الرش.

يزداد الوضع تعقيداً مع نقص محركات رفع المياه، مما يحرم مساحات واسعة من الأراضي المرتفعة من الاستفادة من مياه النهر. وينسحب هذا الإهمال على المعدات الزراعية عموماً، حيث يعاني المزارعون من غياب مراكز صيانة موثوقة، وندرة قطع الغيار، وضعف خدمات ما بعد البيع، مما يطيل فترات تعطل الجرارات والمعدات.

أما في قطاع الثروة الحيوانية، فالوضع لا يقل صعوبة، فغياب محطات تربية منظمة للأبقار أو مراكز حلب حديثة يضعف جودة الإنتاج ويرفع معدلات النفوق، خصوصاً في ظل ضعف التغطية البيطرية وانعدام برامج المراقبة الدورية للأمراض.

وفي هذا السياق، أشار عبيد إلى أن العبء يزداد على المربين جراء ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة، لا سيما النخالة وفول الصويا، في وقت تراجعت فيه زراعة المحاصيل العلفية محلياً بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات وغياب الحوافز. ويعود جزء من هذا الارتفاع في التكاليف إلى ارتفاع أسعار الوقود والأسمدة والبذور المحسنة، مما يقلص هوامش الربح ويجبر عدداً متزايداً من المربين على خفض أعداد رؤوس أغنامهم أو بيعها تدريجياً.

إلى جانب هذه العوائق الفنية، تفاقمت أزمة اليد العاملة بسبب موجات الهجرة التي شهدتها المنطقة خلال سنوات الحرب وما تلاها من انهيار اقتصادي.

في هذا السياق، أطلقت مديرية دعم الإنتاج الزراعي في دير الزور، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، دراسة ميدانية في مدن موحسن والبوليل والبوعمرو والمريعية، تهدف إلى توثيق هذه التحديات بدقة وتحليل تفاعلاتها الميدانية، تمهيداً لوضع تدخلات قائمة على الأدلة. وتغطي الدراسة جوانب متعددة تشمل أعداد ونوعية الثروة الحيوانية، وانتشار الأمراض، وبنية سوق الأعلاف، فضلاً عن تقييم كفاءة الري، وأنواع المحاصيل السائدة، واعتماد الفلاحين على التقنيات الحديثة. كما تضمنت مسحاً للنمط الغذائي المنزلي وربطه بالمردود الاقتصادي.

ذكر عبيد أن مدينة موحسن والبلدات المجاورة لها تعد من المحاور الإنتاجية الأساسية في دعم محافظة دير الزور بالمنتجات الزراعية والحيوانية، مشيراً إلى أهمية تحسين الواقع الخدمي من خلال إيجاد قنوات ري حديثة، وتوفير المعدات الزراعية الحديثة وتأمين المحركات اللازمة لرفع المياه.

وأشار إلى أن منظمة الفاو تعمل، بتضافر عدة جهات، لإيجاد حلول دائمة لتحسين الواقع الزراعي ومشاريع الإنتاج الحيواني، من خلال تحسين واقع الزراعة بالسبل الحديثة للري وتأمين الأسمدة اللازمة.

ونقل عبيد عن عدد من المزارعين قولهم إن كل هذه الجهود تستلزم دعماً شاملاً لتحسين هذا الواقع الذي تم إهماله لعقود من الزمن، وأن المنظمة بدأت بدراسة وإيجاد حلول مستدامة لتحسين هذا الواقع المتردي، بعد تأمين الدعم اللازم لإطلاق مشاريع جديدة للتعافي لهذين القطاعين المهمين.

واعتبر المزارعون أن ذلك سوف يسهم في تنشيط مدن موحسن والبوليل والبوعمر والمريعية لتستعيد عافيتها وتبدأ بدعم المحافظة بالمنتجات الزراعية والحيوانية.

وتشير المؤشرات الأولية، حسب عبيد، إلى أن التدخلات المستقبلية من المنظمات الدولية الداعمة، ستركز على حلول متكاملة: من تأهيل شبكات ري صغيرة تعتمد على الجاذبية أو الطاقة الشمسية، إلى دعم تأسيس تعاونيات أعلاف محلية، وتقديم تدريب فني موجه للصحة الحيوانية والإدارة الزراعية، فضلا عن مساع لربط المنتجين بأسواق المحافظة عبر سلاسل توريد قصيرة.

مشاركة المقال: