الإثنين, 4 أغسطس 2025 03:23 PM

مبادرة "صيف الإنجاز" في كفر زيتا: بصيص أمل لـ 325 طالبًا من خلال التعليم التطوعي

مبادرة "صيف الإنجاز" في كفر زيتا: بصيص أمل لـ 325 طالبًا من خلال التعليم التطوعي

أطلق فريق النور التطوعي في كفرزيتا بريف حماة مبادرة وطنية تطوعية تحت اسم "صيف الإنجاز"، تستهدف دعم وتعليم 325 طالبًا وطالبة من مختلف المراحل الدراسية. تأتي هذه المبادرة في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز التعليم المجتمعي ومكافحة التسرب المدرسي في المناطق التي عانت من الأزمة لسنوات.

تستمر المبادرة لمدة ثلاثة أشهر خلال العطلة الصيفية، وتعتبر من أبرز المبادرات التعليمية التطوعية في المنطقة. يتم تقديمها بجهود تطوعية خالصة من أعضاء الفريق والكوادر التعليمية الشابة، دون أي مقابل مادي، وذلك بالتعاون الوثيق مع اللجنة المجتمعية في كفرزيتا، التي لعبت دورًا أساسيًا في تنظيم الفصول وتوفير المساحات التعليمية.

تعويض الفاقد التعليمي ودمج المنقطعين

تهدف المبادرة إلى تضييق الفجوة التعليمية التي نتجت عن سنوات النزاع وانقطاع آلاف الأطفال عن الدراسة، سواء بسبب تدمير المدارس أو اضطرار الأسر إلى ترحيل أبنائها أو الحاجة إلى دعم نفسي وتعليمي خاص.

أشارت نور الفرج، مديرة الفريق، في حديث لمنصة، إلى أن المبادرة تشمل طلابًا من الصف الرابع حتى الثامن، بالإضافة إلى طلاب الشهادة الإعدادية (التاسع) والبكالوريا (الثالث الثانوي)، بهدف دعمهم أكاديميًا ونفسيًا استعدادًا للعام الدراسي الجديد أو للامتحانات الوطنية. وأضافت أن الأبرز في المبادرة هو شعبة التأسيس الخاصة، المخصصة للأطفال المنقطعين عن الدراسة، وخاصة العائدين من تركيا أو مناطق النزوح، والذين فقدوا سنوات دراسية كاملة. تهدف هذه الشعبة إلى سد الفجوة التعليمية وتقديم تعليم أساسي في المواد الأساسية مثل اللغة العربية والرياضيات والعلوم، وتهيئة الأطفال نفسيًا وتعليميًا للاندماج مجددًا في النظام المدرسي الرسمي.

وقالت نور الفرج: "صيف الإنجاز ليس مجرد دورة صيفية، بل هو مشروع تربوي إنساني، ونحن نعمل على تعويض ما سُلب من هؤلاء الأطفال بسبب الظروف." وأضافت: "نريد أن نعيد إليهم ثقتهم بأنفسهم وبإمكانية التعلم، وبأن المستقبل ما يزال ممكنًا. كل طفل يعود إلى الكتاب هو انتصار صغير، لكنه يصنع فرقًا كبيرًا في مسار حياة أسرة بأكملها."

تعليم مجاني في ظل شح الموارد

على الرغم من التحديات الكبيرة، مثل نقص الكتب والوسائل التعليمية وغياب البنية التحتية الملائمة، نجح الفريق في تأسيس فصول دراسية مؤقتة في مراكز مجتمعية، واستخدام مواد تعليمية مبتكرة، واعتماد مناهج تفاعلية تراعي الخلفيات النفسية والتعليمية المتنوعة للطلاب.

أكدت الفرج أن كل معلم ومعلمة في المبادرة يعملون تطوعًا، بدافع الإيمان بأن التعليم هو السبيل الوحيد للنهوض المجتمعي، مشيرةً إلى أن "الجهد لا يُقاس بالمال، بل بالتأثير. ما يُفرحنا ليس عدد الطلاب، بل نظرة الفرح في عيون طفل قال: ‘اليوم فهمت'".

تفاعل مجتمعي وامتنان واسع

حظي المشروع باستجابة واسعة من الأهالي والطلاب، الذين عبروا عن امتنانهم للجهود التطوعية التي أنقذت فصلًا صيفيًا كان قد يُهدر في الشوارع أو داخل بيوت بلا أفق تعليمي.

أعرب سليم المرعي، أحد أهالي كفرزيتا، عن فخره بما يجري في مدينته، قائلًا: "بكل صدق، أعتبرها من أروع المبادرات التي رأيتها في الفترة الأخيرة، ليس لأنها مجانية، بل لأنها تحاول تعويض جيل كامل عن سنين من الانقطاع والدمار." وأضاف في حديث لمنصة: "عشرات الأطفال يتعلمون بلا مقابل، وبجهد أناس متطوعين، وهذا يعطي أملًا بأنه ما زال هناك أشخاص تؤمن بالعلم وبالمستقبل."

وأضاف: "رغم كل الظروف الصعبة، أهل كفرزيتا يثبتون أنه من الممكن البدء من لا شيء ومن الممكن أن نصنع فرقاً حقيقياً، ومن هنا ورغم شح الإمكانات فإن فكرة المبادرة لوحدها كافية بأن تشجع كل شخص للمساهمة فيها."

من جانبه، قال عبد الناصر حوشان، رئيس مجلس مدينة كفر زيتا في حديث لمنصة: "المبادرة مجتمعية بامتياز، يقودها شباب ومدرسون متطوعون من أبناء مدينة كفر زيتا، وتستهدف دعم الطلاب من مختلف المستويات التعليمية. تشمل المبادرة عدة مراحل، تبدأ باستقبال الطلاب العائدين من تركيا، أو أولئك الذين يفتقرون إلى الإلمام باللغة العربية، بهدف تأسيس معرفتهم بها بشكل سليم." وتابع: "كما تُغطي المبادرة طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، من خلال برامج تقوية أكاديمية تهدف إلى رفع مستواهم التعليمي وسد الفجوات المعرفية."

يتكون الكادر التدريسي بالكامل من مختصين مؤهلين، ما يضمن جودة التعليم المقدم، في حين تستمر المبادرة حتى بداية العام الدراسي الجديد، وهي تنفذ بدعم ورعاية من مديرية التربية في محافظة حماة، حسب ما ذكر حوشان.

رسالة أمل في زمن القسوة

"صيف الإنجاز" ليست مجرد مبادرة تعليمية، بل رسالة أمل ترسلها مجموعة من الشباب المتطوعين إلى مجتمع بأكمله: أن التعليم لا يزال ممكنًا، حتى في أقسى الظروف. وأن مستقبل الجيل القادم لا يُبنى بالحروب بل بالعلم والتعلم.

مشاركة المقال: