الثلاثاء, 4 نوفمبر 2025 08:07 PM

حمص: تفاقم التسول يثير قلق السكان.. وجهود جديدة لمكافحة استغلال الأطفال

حمص: تفاقم التسول يثير قلق السكان.. وجهود جديدة لمكافحة استغلال الأطفال

تزايدت شكاوى سكان مدينة حمص مؤخرًا بسبب عودة ظاهرة التسول في الإشارات الضوئية والشوارع الرئيسية، خاصة في المساء. وقد دفع هذا الأمر الجهات الرسمية إلى التحرك من خلال آليات جديدة تستهدف معالجة جذور المشكلة، وبالأخص تلك المتعلقة باستغلال الأطفال.

ظاهرة التسول تعود بقوة بعد تراجع مؤقت

أكد حسان أبو نوح، أحد سكان حمص، في حديث لمنصة سوريا 24، أن ظاهرة التسول "أصبحت لا تُحتمل". وأوضح أن الظاهرة ازدادت بعد "التحرير" وأصبحت منتشرة في الأماكن العامة، خاصة بين الساعة الجديدة والساعة القديمة، وفي الفترة المسائية من الساعة الخامسة وما بعدها. وأضاف أن حملة سابقة نفذتها محافظة حمص بالتعاون مع الشرطة نجحت في تقليل الظاهرة بشكل ملحوظ، حيث "تم التحقق من هويات المتسولين، وجرى التمييز بين من يمارس التسول كمهنة ومن له ظروف اجتماعية استوجبت المساعدة"، مما أدى إلى "اختفاء شبه كامل للظاهرة آنذاك". لكنه أشار إلى أن الظاهرة "عادت للتفشي مجددًا، وإن بمستوى أقل من السابق"، مؤكدًا أن هذا التصاعد يثير مخاوف السكان من تداعياته الأمنية والاجتماعية.

قسم جديد لمكافحة الاتجار بالبشر في حمص

في سياق متصل، ذكر أبو نوح أن المحافظة، بالتنسيق مع قيادة شرطة حمص، اتخذت خطوات مؤسسية جديدة لمعالجة الجذور العميقة للظاهرة. وأشار إلى أنه تم الإعلان خلال اجتماع عُقد قبل أيام بحضور محافظ حمص ومدير أمن حمص، عن إنشاء قسم خاص بالاتجار بالبشر، والذي يهدف ضمن مهامه إلى مكافحة التسول المنظم، خاصة الذي يشمل استخدام الأطفال. وأوضح أن القسم الجديد "يهدف بالأساس إلى التصدي لحالات استدراج الأطفال أو إجبارهم على التسول"، مشيرًا إلى أن "العمل جارٍ على تفعيل هذا القسم، ومن المتوقع أن يبدأ تطبيقه قريبًا"، متوقعًا أن "يحقق نتائج ملموسة في تقليص الظاهرة".

تركز التسول ليلاً في مناطق محددة بغياب الرقابة

من جهته، أوضح محمد الرحال، أحد سكان مدينة حمص، في حديث لمنصة سوريا 24، أن التسول "لم يعد يعمّ كل المدينة، بل يتركز في أماكن محددة، خصوصًا ليلاً"، مشيرًا إلى أن "أشهر بؤر التسول حاليًا هي إشارة القلعة وإشارات الحمرا". ورأى الرحال أن السبب في تركز الظاهرة ليلاً يعود إلى "وجود حملات مكافحة نهارية ناجحة"، مما يدفع المتسولين إلى تغيير توقيت تواجدهم، مستغلين غياب الرقابة المسائية. وأضاف: "الظاهرة مقتصرة على فئة معروفة محلياً باسم ‘القرباط’، وهم لا يظهرون إلا في ساعات متأخرة من الليل"، داعيًا الجهات المعنية إلى "تكثيف الجولات المسائية وتوسيع نطاق المكافحة ليشمل جميع الفترات".

تنسيق أمني اجتماعي لمكافحة التسول في حمص

من جانبها، صرحت جميلة أبو الخير، عضو المكتب التنفيذي لقطاع الشؤون الاجتماعية والعمل بحمص في حديث لمنصة سوريا 24: "تتابع الجهات المختصة في محافظة حمص ملف التسوّل باهتمام، وقد تمّ تسليم الملف إلى جمعية البر والخدمات الاجتماعية في حمص لمتابعته، لكن تبيّن أن الموضوع بحاجة إلى دعم من قِبل قوات الشرطة لضمان سلامة الإجراءات وسلامة الأشخاص، وذلك نتيجة حالات الصدام التي قد تحدث مع بعض المتسولين أثناء تنفيذ المهام الميدانية". وتابعت: "كما أن الملف مرتبط بعدد من القضايا الأخرى مثل قضية مكتومي القيد، إضافة إلى الارتباط بشرطة مكافحة تجارة الأعضاء، ما يستدعي تنسيقاً مشتركاً سيتم العمل عليه بين جميع الجهات المعنية لتنفيذ الإجراءات بشكل متكامل وآمن". وعن الجهود التي تُبذل لضبط هذه الظاهرة والحدّ منها، أوضحت بالقول: "يتم حالياً متابعة الحالات الإنسانية للمتسولين وتوجيه الجمعيات المحلية لمساعدتهم حسب الإمكانيات المتاحة، بما يضمن التعامل الإنساني مع الحالات المحتاجة ودعمها". وختمت قائلة: "كما يجري في الوقت الراهن العمل على تأهيل وتجهيز مركز خاص بالأحداث لاستقبال المتسولين ممن هم دون سن الثامنة عشرة، والعمل على تأهيلهم جسدياً ونفسياً وتعليمياً تمهيدًا لإعادة دمجهم في المجتمع".

الواقع والمعالجة: هل تكفي الآليات الحالية لمكافحة التسول؟

على الرغم من الجهود المعلنة، يبقى السؤال حول مدى فعالية الإجراءات المتخذة في ظل عودة الظاهرة بشكل متكرر. ورغم أن الحملات الأمنية المؤقتة نجحت في تقليص التسول لفترات محدودة، فإن غياب الحلول الاجتماعية الدائمة، كالرعاية الاجتماعية، وتشغيل الأسر الفقيرة، ومكافحة الاستغلال المنظم، يبقي الظاهرة عرضة للعودة.

مشاركة المقال: