تتزايد المخاوف بين السكان العائدين إلى منطقتي اليرموك والحجر الأسود في ريف دمشق، وذلك عقب انهيار منزل في مخيم اليرموك قبل أيام. أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان حجم الدمار الهائل الذي خلفته عمليات القصف والتدمير الممنهج التي نفذها النظام وميليشياته خلال السنوات الماضية.
أفاد شهود عيان بأن المنزل المنهار كان يعاني من تصدعات وشقوق واضحة قبل انهياره المفاجئ أثناء غياب سكانه، مما حال دون وقوع إصابات. وقد دفعت هذه الحادثة الأهالي إلى مطالبة السلطات في منطقتي اليرموك والحجر الأسود بتشكيل لجان هندسية متخصصة لفحص المباني والتأكد من سلامتها الإنشائية، محذرين من خطورة السماح بالترميم العشوائي دون إشراف فني دقيق.
تعتبر منطقتا اليرموك والحجر الأسود من بين المناطق الأكثر تضرراً في سوريا. صُنّف مخيم اليرموك وحي الجزيرة في الحجر الأسود ضمن المناطق الأكثر تضرراً نتيجة العمليات العسكرية والقصف العنيف الذي شنّه النظام السابق.
في حديث لـ "سوريا 24"، أوضحت المهندسة المدنية دانية صالح الحميدي، وهي من أبناء الحجر الأسود وصانعة محتوى في مجال السلامة الإنشائية للمناطق المتضررة بالحرب، أن الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع تكاليف الإيجار في دمشق أجبر العديد من العائلات على العودة إلى منازلهم المدمرة جنوب العاصمة، خاصة في منطقتي اليرموك والحجر الأسود.
وأشارت الحميدي إلى أن عدد العائلات العائدة إلى الحجر الأسود قد ازداد بشكل ملحوظ ليصل إلى حوالي خمسة آلاف عائلة، مبينة أن نسبة الأمان الإنشائي في بعض أحياء المنطقة، مثل حي الجزيرة وشارع الثلاثين، لا تتجاوز 15%، مما يعني أن معظم المباني هناك غير صالحة للسكن هندسياً.
وأضافت الحميدي أن العديد من السكان يقومون بترميم منازلهم بطرق بدائية دون الاستعانة بمهندسين متخصصين، معتمدين على العمالة الفنية لتقليل التكاليف، مما يجعل الترميمات سطحية وغير آمنة. هذا بالإضافة إلى غياب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، مما يزيد من معاناة السكان ومخاطر عودتهم.
وأوضحت الحميدي أن انهيار المبنى الأخير في مخيم اليرموك يعود إلى عدة أسباب، بما في ذلك ضعف البنية الإنشائية نتيجة القصف السابق وغياب الإشراف الهندسي أثناء الترميم. وأشارت إلى أن أحد السكان قام بإزالة عنصر إنشائي هام من المبنى، وهو أحد الجسور الحاملة للأحمال، مما تسبب في انقطاع المسار الإنشائي للمبنى وانهيار الطوابق العليا.
وشددت الحميدي على أن هذه الحادثة يجب أن تكون بمثابة تحذير جدي للسكان، مؤكدة أن وجود تصدعات أو شقوق في الأعمدة والجدران ليس أمراً يمكن تجاهله، بل هو مؤشر خطر يستوجب الإخلاء الفوري والفحص الفني. وأضافت أن الكثير من الناس يفتقرون إلى الوعي الإنشائي ويستهينون بهذه العلامات، مما قد يؤدي إلى كوارث بشرية في أي لحظة.
وأكدت الحميدي أن غياب الدور الفعال للبلديات في الحجر الأسود واليرموك يزيد من تفاقم المخاطر، حيث تُترك مسؤولية الكشف والترميم للأهالي بشكل فردي دون رقابة أو متابعة رسمية، محذرة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيارات جديدة تهدد حياة مئات الأسر العائدة.
واختتمت الحميدي حديثها بالتأكيد على ضرورة وجود حملة توعية شاملة ولجان متخصصة لفحص المباني قبل السماح بالسكن فيها، مشددة على أن الحفاظ على الأرواح أهم بكثير من أي محاولة للعودة غير المدروسة إلى منازل مهددة بالانهيار.