أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن الدولة اختارت عدم الانجرار إلى الحرب والفوضى التي يسعى إليها الكيان الإسرائيلي في سوريا، وأعلن عن التوصل إلى حل بوساطة دولية.
وفي كلمة متلفزة فجر اليوم الخميس، قال الرئيس إن الشعب السوري حقق انتصارات عظيمة بتضحياته من أجل الحرية والكرامة، ويقف اليوم في قلب معركة وطنية تهدف إلى حماية وحدة البلاد وصمودها في وجه محاولات الكيان الإسرائيلي لاستهداف استقرار سوريا وزرع الفتن بين أبنائها.
وأضاف أن الشعب السوري ضحى بالغالي والنفيس من أجل أن تظل سوريا حرة أبية، وفي مقدمة الشعوب التي تتطلع إلى العزة والكرامة، وخرج في ثورة من أجل نيل حريته فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال هذا الشعب على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته في حال مسّها أي تهديد.
وخاطب الرئيس الشرع الشعب السوري قائلا إن التحدي الجديد يعني أننا نعيش في قلب معركة تهدف إلى حماية وحدة بلادنا وكرامة شعبنا وصمود أمتنا، موضحا أن الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائماً على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجدداً إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدماً في مسيرة إعادة البناء والنهوض.
وأشار الرئيس الشرع إلى أن هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كل الأساليب لزرع النزاعات والصراعات، غافلاً عن حقيقة أنّ السوريين بتاريخهم الطويل رفضوا كل انفصال وتقسيم. وأضاف أن امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر، كما أن الانتصار في ساحة معينة لا يضمن النجاح في ساحة أخرى، وقد تكون قادراً على بدء الحرب ولكن ليس من السهل أن تتحكم في نتائجها، فنحن أبناء هذه الأرض والأقدر على تجاوز كل محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا، وأصلب من أن تزعزع عزيمتنا بفتن مفتعلة.
ومضى بالقول: نحن أبناء سوريا نعرف جيداً من يحاول جرّنا إلى الحرب ومن يسعى إلى تقسيمنا، ولن نعطيهم الفرصة بأن يورّطوا شعبنا في حرب يرغبون في إشعالها على أرضنا، حرب لا هدف لها سوى تفتيت وطننا وتشتيت جهودنا نحو الفوضى والدمار، فسورية ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكاناً لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب دماء أطفالنا ونسائنا.
وشدد الشرع على أن الدولة السورية هي دولة الجميع، وهي كرامة الوطن وعزته، وهي حلم كل سوري في أن يرى وطنه يعيد بناء نفسه من جديد من خلال هذه الدولة، نتحد جميعاً دون تفرقة من أجل أن نعيد لسوريا هيبتها ونضعها في مقدمة الأمم التي تعيش في أمن واستقرار. وأكد أن بناء سوريا جديدة يتطلب منا جميعاً الالتفاف حول دولتنا والالتزام بمبادئها، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار فردي أو مصلحة محدودة، إن ما نحتاجه اليوم هو أن نكون جميعاً شركاء في هذا البناء، وأن نعمل يداً بيد لنتجاوز جميع التحديات التي تواجهنا. الوحدة هي سلاحنا، والعمل الجاد هو طريقنا، وإرادتنا الصلبة هي الأساس الذي سنبني عليه هذا المستقبل الزاهر.
وخصّ الشرع في كلمته “أهلنا من الدروز الذين هم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن”، قائلا إن سوريا لن تكون أبداً مكاناً للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها، ومؤكدا أنّ حماية حقوقهم وحريتهم هي من الأولويات، وقال إننا نرفض أي مسعىً يهدف لجرّكم إلى طرف خارجي، أو لإحداث انقسام داخل صفوفنا، إننا جميعاً شركاء في هذه الأرض، ولن نسمح لأي فئة كانت أن تشوّه هذه الصورة الجميلة التي تعبّر عن سوريا وتنوعها.
وأضاف الرئيس الشرع: لقد تدخلت الدولة السورية بكل مؤسساتها وقياداتها بكل إرادة وعزم من أجل وقف ما جرى في السويداء من قتال داخلي بين مجموعات مسلحة من السويداء، ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة، وبدلاً من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع، ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن، وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن، وارتكبوا في الأيام الأخيرة ما ارتكبوا من الجرائم بحق المدنيين.
وتابع: رغم ذلك قامت وزارتا الدفاع والداخلية بتنفيذ انتشار واسع في محافظة السويداء، في إطار جهودهم لضبط الأمن وإنهاء حالة التصعيد التي شهدتها المنطقة، وقد نجحت في إعادة الاستقرار وطرد الفصائل الخارجة عن القانون، رغم التدخلات الإسرائيلية، وهنا لجأ الكيان الإسرائيلي إلى استهداف موسع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود، ما أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق.
وأكد أنه لولا التدخل الفعال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول، لكنا بين خيارين؛ الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي، على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام.
وأضاف الرئيس الشرع: لسنا ممن يخشى الحرب ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا، لكننا قدمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة هو اتخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه بناءً على المصلحة الوطنية العليا، فقررنا تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء، مؤكدين أن هذا القرار نابع من إدراكنا العميق بخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية، وتجنب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة قد تجرها بعيداً عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المدمرة، وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلفها النظام البائد.
وختم كلمته بالقول: إننا حريصون على محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء، ونؤكد أن الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسلامة أهلنا، والعمل على تأمين مستقبل أبنائهم، بعيداً عن أي مخاطر قد تقوض مسار النهوض والتعافي الذي نخوضه بعد تحرير بلادنا.