في قرية "الثعلة" بريف السويداء، يلتصق الطفل "جاد" البالغ من العمر 6 سنوات بوالدته خوفاً من أصوات الاشتباكات المتزايدة. ولكن، حضن الأم وجدران المنزل ليسا دائماً ملاذاً آمناً.
يعيش "جاد" وعشرات الأطفال الآخرين هذا الواقع المرير في الريف الغربي، حيث تجددت الاشتباكات فجر اليوم الإثنين بعد ليلة هادئة نسبياً. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت تدخلها يوم أمس الأحد لفض الاشتباكات، وتم إطلاق سراح جميع المختطفين من أبناء العشائر وأبناء السويداء.
أفادت مراسلة سناك سوري بأن قرى تعارة والدور والدويرة شهدت حركة نزوح للأطفال والنساء وكبار السن إلى أماكن آمنة، وسط ظروف إنسانية صعبة. وتتزايد حدة أصوات الاشتباكات، مما يزيد من ذعر المدنيين الذين لم يتمكنوا من النزوح ويناشدون لحمايتهم. الهجوم، الذي استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والمسيرات، مستمر حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم الإثنين.
أعربت وزارة الداخلية عن قلقها وأسفها لتطورات الأحداث في المحافظة، والتي أسفرت عن سقوط 30 ضحية ونحو 100 مصاب، وفقاً لحصيلة أولية، نتيجة اشتباك مسلح بين مجموعات عسكرية محلية وعشائر في حي المقوس.
وأضافت الوزارة في بيان نقلته سانا أن هذا التصعيد الخطير يأتي في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية، مما أدى إلى تفاقم الفوضى وانفلات الوضع الأمني وعجز المجتمع المحلي عن احتواء الأزمة. وأشارت إلى أنها ستبدأ تدخلاً مباشراً بالتنسيق مع وزارة الدفاع لفض النزاع وإيقاف الاشتباكات وملاحقة المتسببين بالأحداث وتقديمهم إلى القضاء.
من جانبها، ذكرت وزارة الدفاع في بيان أنها بدأت بالتنسيق مع وزارة الداخلية نشر وحداتها العسكرية المتخصصة في المناطق المتأثرة وتوفير ممرات آمنة للمدنيين وفك الاشتباكات بسرعة وحسم، مؤكدة التزام جنودها بحماية المدنيين وفق القانون، ودعت جميع الأطراف إلى التعاون مع قواتها وقوات الأمن الداخلي.
على خلفية الاشتباكات المستمرة، أعلنت وزارة التربية والتعليم تأجيل امتحان مادة التربية الدينية الذي كان مقرراً اليوم للشهادة الثانوية في المحافظة إلى موعد يحدد لاحقاً.
بدأت التوترات بعد تعرض تاجر الخضار "فضل الله دوارة" لاعتداء أثناء عودته من دمشق، حيث أوقفه مسلحون على الطريق واعتدوا عليه بالضرب وسرقوا شاحنته المحملة بـ5 أطنان من الخضار ومبلغ 7 ملايين ليرة وهاتفه المحمول. واقتاد المسلحون "دوارة" إلى منطقة وعرة واحتجزوه عدة ساعات تعرض خلالها للضرب وشتائم طائفية قبل أن يطلقوا سراحه.
عقب ذلك، أفاد موقع أن مجموعات مقربة من "دوارة" نصبت نقاط تفتيش واحتجزت 8 مواطنين مع سياراتهم للمطالبة باستعادة شاحنة الخضار المسروقة مقابل إطلاق سراحهم. لكن المصادر أوضحت أن المواطنين الثمانية المحتجزين ينحدرون من "الحسكة" ومن أبناء عشائر "السويداء" ولا صلة لهم بحادث سلب "دوارة".
وبينما تواصلت التوترات، قامت قوى "الأمن الداخلي" بوقف حركة السير على طريق "دمشق – السويداء" من جهة حاجز "المسمية" بعد حدوث عمليات قطع للطريق ومحاولات استهداف المارة إثر التوترات القائمة.
ورغم مساعي الحل، أدت اشتباكات "حي المقوس" لوقوع 7 إصابات مع وجود ضحايا وحالات حرجة وسط أضرار تطال ممتلكات المدنيين. ونقل موقع أن طفلاً وامرأة أصيبوا خلال الاشتباكات واحترق منزل في حي "المقوس" ولم تتمكن سيارات الإطفاء من الوصول إلى المكان بسبب كثافة النيران.
وأشار المصدر إلى أن عدد المواطنين المحتجزين منذ أمس جراء عمليات الخطف المتبادلة وصل إلى 24 مدنياً لا ذنب لهم بما جرى.
بدوره دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز إلى وقف كل ما من شأنه أن يثير الفتنة ويهدد السلم الأهلي، وطالب بالاحتكام لصوت العقل. ووجّه الشيخ "الحناوي" نداءً إلى الرئيس السوري "أحمد الشرع" وإلى وجهاء العشائر وكل صاحب ضمير حي ليكون لهم يد بيضاء في وأد الفتنة وكف يد العبث وحماية الكرامات وصون حرمات الناس وممتلكاتهم.