أبدت إسرائيل رغبتها بالتفاوض مع الحكومة السورية، بوساطة أمريكية، وسط توتر أفرزته توغلات إسرائيلية في المناطق المحاذية للشريط الحدودي واستهدافات متكررة لمواقع مختلفة في سوريا.
وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، خلال زيارته إسرائيل في 4 من حزيران الحالي،أنه مهتم بالتفاوض مع الحكومة السورية الجديدة، في ظل وساطة الولايات المتحدة، وفقًا لما نقله موقع “أكسيوس” الأمريكي، عن مسؤولين إسرائيلين وأمريكيين أمس 11 من حزيران.
الموقع الأمريكي، نقل عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، أن نتنياهو مهتم بالتفاوض على اتفاقية أمنية مُحدّثة، والعمل على التوصل إلى اتفاق سلام شامل، مع سوريا، مشيرًا إلى أن هذه المحادثات ستكون الأولى من نوعها بين إسرائيل وسوريا منذ عام 2011، وستكون ذات أهمية خاصة بالنظر إلى التطورات الأخيرة.
كما أبلغ نتنياهو، توم باراك، بأنه يريد “استخدام الزخم الناتج عن اجتماع ترامب والشرع لبدء مفاوضات بوساطة الولايات المتحدة مع سوريا”.
ماذا يريد نتنياهو
هدف نتنياهو، كما نقل الموقع، عن مسؤول إسرائيلي كبير، هو محاولة التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات، بدءًا باتفاقية أمنية محدثة تستند إلى اتفاقية فض الاشتباك بين القوات لعام 1974، مع بعض التعديلات، وانتهاء باتفاقية سلام بين البلدين.
ويعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن تطلع الشرع إلى بناء علاقات وثيقة مع إدارة ترامب يُتيح فرصة دبلوماسية، للعلاقات مع إسرائيل، بحسب “أكسيوس”، الذي نقل عن المسؤول الإسرائيلي قوله: “نريد أن نسعى جاهدين للمضي قدمًا نحو تطبيع العلاقات مع سوريا في أقرب وقت ممكن”.
وبحسب المسؤول، أبلغ باراك الإسرائيليين أن الشرع منفتح على مناقشة اتفاقيات جديدة مع إسرائيل، في حين رفض باراك، وكذلك مكتب نتنياهو، التعليق على هذه القصة، للموقع الأمريكي.
الشرع يؤيد التفاوض
وعلى الرغم من مخاوفهم بشأن الشرع، فإن المسؤولين الإسرائيليين يرون أيضًا أن الظروف المتغيرة، وخاصة مع رحيل إيران وحزب الله من سوريا تشكل فرصة لتحقيق انفراجة.
ونقل الموقع الأسبوع الماضي، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله، إن الشرع أكثر تأييدًا للتفاوض مما توقعته إسرائيل، وأنه لا ينفذ أوامر صادرة من أنقرة.
وأضاف المسؤول: “من الأفضل لنا أن تكون الحكومة السورية مقربة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية”.
الخطوط الحمراء
مسؤول أمريكي، لم يحدد مستواه، قال للموقع الأمريكي، إن الإسرائيليين عرضوا على باراك “خطوطهم الحمراء” بشأن سوريا، وتضمنت أن لا يكون هناك قواعد عسكرية تركية في البلاد، ولا وجود متجدد لإيران وحزب الله، وإخلاء جنوب سوريا من السلاح.
بينما قال مسؤول إسرائيلي، لـ “أكسيوس”، إن الإسرائيليين أبلغوا باراك أنهم سيحتفظون بقواتهم في سوريا حتى يتم توقيع اتفاق جديد يتضمن نزع السلاح في جنوب سوريا.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل تريد في اتفاق حدودي مستقبلي جديد مع سوريا، إضافة قوات أمريكية إلى قوة الأمم المتحدة التي كانت متمركزة في السابق على الحدود.
ومن إحدى “علامات الاستفهام الكبرى” في أي محادثات سلام مستقبلية بين إسرائيل وسوريا ستكون مسألة مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل في حزيران عام 1967، بحسب الموقع الأمريكي.
وفي كل جولة من المحادثات مع إسرائيل على مدى العقود الثلاثة الماضية، طالب نظام الأسد بانسحاب إسرائيلي كامل أو شبه كامل من مرتفعات الجولان مقابل السلام.
وخلال ولايته الأولى، اعترف ترامب بهضبة الجولان كجزء من إسرائيل، ولم تتراجع إدارة بايدن عن هذا القرار.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون، بحسب أكسيوس، أن الحكومة السورية الجديدة سوف تثير قضية مرتفعات الجولان في أي محادثات سلام مستقبلية، ولكنها قد تكون أكثر مرونة في هذا الشأن من نظام الأسد.
وسيطر الجيش الإسرائيلي على المنطقة العازلة منزوعة السلاح التي تبلغ مساحتها 400 كيلومتر مربع (154 ميلًا مربعا) في مرتفعات الجولان، ونفذ توغلات محدودة في جنوبي سوريا، وشن غارات جوية يقول إنها تهدف إلى منع وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ، فيما قال الشرع إنه ملتزم بدعم اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974 مع إسرائيل، وألمح إلى تطبيع العلاقات يوما ما بين البلدين.
قابلة للحل
يرى المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك أن على الشرع أيضًا أن يتعامل مع إسرائيل، التي وسعت بشكل كبير عملياتها البرية في سوريا منذ الإطاحة بالأسد.
ووصف باراك، خلال حديثه لموقع “المونيتور” الأمريكي في 10 من حزيران، الصراع بأنه “مشكلة قابلة للحل”، وقال، “أملنا هو أن يكون لدى كلا الطرفين (إسرائيل والشرع) حتى لو لم يتحدثا مع بعضهما في هذه المرحلة، تفاهم ضمني فيما بينهما بأن الاشتباك عسكريًا الآن سيكون أمرًا فظيعًا لكليهما”.
وأصر باراك على عدم وجود شروط مرتبطة بتخفيف العقوبات عن سوريا، كما دعا بعض المسؤولين في إدارة ترامب.
وقال باراك، إنه بدلًا من الشروط، هناك “توقعات” باستمرار الشفافية مع متابعة الشرع للعديد من الأولويات التي حددها ترامب خلال اجتماعهما. تشمل الإجراءات وضع حد للمسلحين الفلسطينيين، والسعي إلى انضمام البلاد في نهاية المطاف إلى اتفاقيات إبراهام، ومكافحة عودة ظهور تنظيم “الدولة”.