السبت, 31 مايو 2025 04:44 PM

غموض حول مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة: حماس تدرس وشكوك حول الانحياز لإسرائيل

غموض حول مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة: حماس تدرس وشكوك حول الانحياز لإسرائيل

أعلنت الولايات المتحدة أنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي وافق على مقترح لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، قدّمه مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، فيما أفادت بأنّ حركة «حماس» لا تزال «تُقيّم المقترح الجديد». وخلال مؤتمر صحافي، أكّدت المتحدّثة باسم «البيت الأبيض»، أن ويتكوف والرئيس دونالد ترامب وجّها إلى حركة «حماس» اقتراحاً لوقف إطلاق النار، كانت إسرائيل قد وافقت عليه وأيّدته رسمياً قبل إرساله. وأضافت ليفيت أنّ «المباحثات لا تزال جارية»، معربةً عن أمل الإدارة الأميركية في التوصّل إلى اتفاق نهائي يُفضي إلى وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ويتيح «إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم»، وفق تعبيرها.

وعلى المقلب الإسرائيلي، نقلت «القناة 12» العبرية عن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تأكيده «القبول بمخطّط ويتكوف الجديد»، وقوله لعائلات الأسرى: «سنوافق على المخطط الذي نُقل إلينا الليلة… حماس حتى اللحظة لم تردّ، ولا نعتقد بأنها ستفرج عن آخر رهينة، لكن نحن لن ننسحب من غزة من دون أن نتسلّم جميع الرهائن». وفي المقابل، أكّدت حركة «حماس» تسلّمها المقترح الأميركي، معلنة، في بيان أمس، أنها «تعكف على دراسته بمسؤولية، وبما يحقّق مصالح شعبنا وإغاثته وتحقيق وقف إطلاق النار الدائم في القطاع». وعلى الرغم من تداول بعض وسائل الإعلام أنباء عن موافقة الحركة على المقترح، فقد نفت مصادر في الأخيرة ذلك، مؤكدةً أن القيادة لا تزال تدرسه ولم تُصدر موقفها النهائي بعد.

وفي ما يتصل بمضمون المقترح، نقل موقع «واللا» الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي كبير وصفه إياه بأنه «أكثر انحيازاً إلى إسرائيل من المقترحات السابقة»، مشيراً إلى عدم تضمّنه «ضمانات أميركية واضحة بوقف دائم لإطلاق النار». كما لفت الموقع إلى أن المقترح لا ينصّ بوضوح على استمرار وقف إطلاق النار في حال امتدّت المفاوضات لأكثر من 60 يوماً، مضيفاً أن كبار مسؤولي «حماس» لم يُبدوا ردّاً سلبياً عليه، لكنهم «أعربوا عن خيبة أمل من مضمونه»، وسط تقديرات استخبارية إسرائيلية ترجّح رفض الحركة له. وبالفعل، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول في «حماس» قوله إن المقترح الأميركي لا يستجيب لمطالب الحركة.

ويرى مراقبون أن طرح واشنطن يمثّل انقلاباً على المسار التفاوضي القائم، ويُعدّ في جوهره ردّاً إسرائيلياً على التفاهمات التي جرى التوصّل إليها سابقاً بين حركة «حماس» وويتكوف، أكثر مما هو مقترح جديد؛ علماً أن من أبرز بنوده: مقابل إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء، ووفقاً لشروط المرحلة الأولى من اتفاق 19 كانون الثاني 2025 بشأن تبادل الأسرى، ستفرج إسرائيل عن 125 أسيراً محكوماً بالسجن المؤبّد، و1,111 معتقلاً من غزة تمّ اعتقالهم بعد 7 أكتوبر 2023.

مقابل الإفراج عن 18 جثة لإسرائيليين، ستفرج إسرائيل عن 180 جثماناً لفلسطينيين من غزة. سيتم التنفيذ بشكل متزامن وفق آلية مُتفق عليها ومن دون مظاهر أو احتفالات علنية. كما سيجري نصف هذه الإفراجات في اليوم الأول والنصف الآخر في اليوم السابع. في اليوم العاشر، ستقدّم حماس معلومات كاملة (إثبات حياة وتقرير الحالة الطبية / إثبات الوفاة) لكل من الأسرى الإسرائيليين المتبقّين.

في المقابل، ستقدّم إسرائيل معلومات كاملة عن الأسرى الفلسطينيين الذين تمّ اعتقالهم في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وأعداد جثامين الشهداء الغزيين المحتجزين لديها. تلتزم حماس بضمان صحة الأسرى وسلامتهم وأمنهم خلال فترة وقف إطلاق النار. يجب الانتهاء من التفاوض بشأن الترتيبات اللازمة لوقف دائم لإطلاق النار خلال 60 يوماً.

عند التوصل إلى اتفاق، سيتم الإفراج عن جميع الأسرى المتبقّين (الأحياء والجثث) من «قائمة الـ58» التي قدّمتها إسرائيل. إذا لم تُختتم المفاوضات بشأن وقف دائم لإطلاق النار خلال الفترة المذكورة، يمكن تمديد الوقف المؤقت بشروط ومدة يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين طالما أنهما يفاوضان بحسن نية.

بدورها، عبّرت مصادر دبلوماسية مصرية عن تفاؤل «حذر» بشأن إمكانية دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ قبل حلول «عيد الأضحى». وأكّدت هذه المصادر أنّ القاهرة تجري اتصالات مكثّفة مع الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، إلى جانب أطراف إقليمية ودولية، بهدف تثبيت التفاهمات الأخيرة. وترى القاهرة أنّ «الصيغة التي طرحها ويتكوف قابلة للبناء عليها»، خصوصاً بعد تلقّيها «إشارات إيجابية» من قيادة المقاومة بخصوصها، وإن كانت «حماس» لا تزال تطالب بضمانات تتعلق بمرحلة ما بعد التهدئة.

كما تدرك القاهرة، بحسب المصادر نفسها، طبيعة التحديات المرتبطة بالتوصّل إلى اتفاق نهائي، خصوصاً في ظلّ تجارب سابقة أثبتت هشاشة التفاهمات المؤقّتة إذا لم تحظَ بإرادة سياسية واضحة من الطرفين، إلى جانب الحاجة إلى إطار زمني محدّد للانتقال من التهدئة إلى الحلّ الدائم. وعلى هذا الأساس، تتعامل مصر مع المقترح الأميركي كـ«أرضية تفاوضية» قابلة للتطوير، لا كحل نهائي، في ظل ما تراه من تعقيدات داخلية في إسرائيل، حيث لا يزال القرار السياسي خاضعاً لتجاذبات حزبية وتحفّظات أمنية تعيق التوافق على مستقبل العملية العسكرية في غزة.

مشاركة المقال: