على مدار 14 عامًا تقريبًا، تكبد قطاع النفط والغاز في سوريا خسائر فادحة، مما أدى إلى انسحاب الشركات العالمية وتوقف الإنتاج في بعض المناطق، وبالتالي انخفاض إنتاج البلاد بأكثر من 70%. ويشير خبراء إلى أن تكلفة إعادة تشغيل قطاع النفط والغاز تبلغ حوالي 20 مليار دولار خلال السنوات المقبلة بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالقطاع، وفقًا لمحللين تحدثوا إلى "CNN الاقتصادية".
ويرى محللون أن رفع العقوبات سيعزز ثقة الشركات العالمية للعودة إلى سوريا وإعادة تطوير القطاع النفطي، مما قد يساهم في عودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة. ويقول ديفيد جوربناز، الخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICI لـ CNN الاقتصادية، إن إنتاج النفط السوري بلغ قبل الحرب حوالي 400 ألف برميل يوميًا، لكن أكثر من عقد من الصراع أدى إلى تدهور البنية التحتية بشكل كبير. ويقدر جوربناز الإنتاج الحالي بأقل من 100 ألف برميل يوميًا، وبالتالي فإن استعادة الطاقة الإنتاجية حتى نصف مستويات ما قبل الحرب سيتطلب استثمارات ضخمة تتراوح على الأرجح بين 10 مليارات إلى 20 مليار دولار على مدى السنوات الخمس إلى العشر القادمة، وذلك رهنًا بوتيرة الاستقرار السياسي والتحسن الأمني وثقة المستثمرين.
بينما يقدر أديتيا ساراسوات، مدير الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ريستاد إنرجي، قيمة ما تحتاجه سوريا حاليًا لإعادة إنتاج حقول النفط المتوقفة وتنفيذ بعض أنشطة التوسع ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار.
ويمثل رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا طوق نجاة لقطاع النفط والغاز الذي عانى لسنوات خلال الحرب، إذ سيمنح الثقة للشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط للعودة مرة أخرى إلى دمشق. ويقول ساراسوات: "الآن بعد تشكيل الحكومة رُفِعت العقوبات وأصبح باستطاعة كبار مشغلي النفط في المنطقة العودة وبدء عمليات التشغيل كالعادة في سوريا".
ووفقًا للخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICI، فإن رفع العقوبات الأمريكية على قطاع النفط السوري بالإضافة لتنصيب حكومة سورية جديدة أعاد فتح الباب أمام إعادة مشاركة المستثمرين الأجانب في قطاع النفط في البلاد. لكن رفع العقوبات ليس كافيًا بحد ذاته، إذ تتبنى معظم شركات النفط العالمية الكبرى نهجًا حذرًا قائمًا على الانتظار والترقب نظرًا لهشاشة الانتقال السياسي في سوريا، والتهديدات الأمنية المتبقية، وعدم اليقين المؤسسي، بحسب جوربناز.
وأضاف أن اللاعبين الإقليميين -وخاصةً من دول الخليج، مثل الإمارات وربما قطر- بالإضافة إلى تركيا يبدو أنهم في وضع أفضل للمشاركة مبكرًا في قطاع النفط السوري، مستفيدين من التواصل الدبلوماسي والتوافق الاقتصادي مع الإدارة الجديدة. ويرى مدير الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ريستاد إنرجي، أن الجانب الرئيسي التالي الذي ستبحث عنه شركات النفط العالمية هو بناء هيكل تنظيمي وخارطة طريق تجارية واضحة للشركات للعودة وإعادة تشغيل وتطوير الأنشطة.
جدير بالذكر أنه قبل بدء الصراع في سوريا كانت عدة شركات عالمية تعمل في البلاد مثل توتال إنرجيز وشل وغلف ساندز بتروليوم سنكور للطاقة، لكن هذه الشركات أوقفت أعملها مع تطور الصراع في البلاد.
اقتصاد